صالح الشايجي
يمتدحون بلادا ما فيقولون إنها «ولاّدة»!
و«ولاّدة» هذه ليست بنت «المستكفي» حبيبة «ابن زيدون» الذي قال:
أضحى التنائي بديلا عن تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بل إن «ولاّدة» المقصودة، هي صفة تعني كثيرة الولادة أو الإنجاب!
ولا أدري لماذا «الولاّدة» تكون صفة إيجابية أو مستحبة للبلدان؟!
ظلت فرنسا سنوات أو عقودا من سنوات، تشكو عدم الإنجاب، حتى ظل عدد سكانها في مكانه لا يزيد بل ربما ينقص بسبب الوفيات التي لا يقابلها إنجاب!
ورغم هذا فإن «فرنسا»، العاقر أو العقيم، لم يقلل من قدرها أو يحط من مكانتها عقمها أو عدم إنجابها، بل ظلت بلاد النور والإشراق والجمال والعطور والأزياء والأجبان والفن والشعر والحرية.
وعدم إنجابها لم يؤثر في دورها كدولة عظمى لها كلمة مسموعة في أعلى منابر العالم، وكدولة صناعية كبيرة تنتج الأسلحة المتطورة والطائرات والسيارات والصناعات الثقيلة والخفيفة!
بينما الكويت وعلى سبيل المثال لا «السخرية» تضاعف عدد مواطنيها في أقل من خمسين سنة أكثر من عشرة أضعاف، وهي بذلك تكتسب جائزة «ولاّدة» بجدارة وامتياز ودون منازع! ورغم هذه الصفة «ولاّدة» فلم نشهد للكويت من أمجاد لا في الصناعة ولا السياسة ولا الجمال ولا الفن ولا الشعر! اللهم إلا إذا اعتبرنا قوافل «المجاهدين»، الذين صدرتهم الكويت إلى «أفغانستان» و«البوسنة والهرسك» و«الشيشان» ومؤخرا «العراق»، إبداعا كويتيا تباهي به الكويت قريناتها ونظيراتها من الدول!
أو لو اعتبرنا الابداع الكويتي الذي حققته «ولاّدة» الكويتية، يكمن في القدرة على التراجع الفني والسياسي والثقافي والاخلاقي ايضا، ووأد المشروع الكويتي الذي كان وهّاجا وكانت الابصار ترنو اليه من قريب ومن بعيد؟!
أو لو اعتبرنا «لجنة الظواهر السلبية» و«منع الاختلاط» والتنابز الطائفي وتحول الكويت إلى مناطق «حلال» و«حرام»! أو «دار كفر» و«دار إيمان»، مجدا وإبداعا من حسنات الست «ولاّدة» الكويتية؟!
أرجو أن يغيّر العرب نظرتهم إلى بلدانهم، فيبعدون عنها صفة «ولاّدة» ولا يعتبرونها صفة إيجابية، لأن ما ينطبق على المرأة من صفات حسنة، إحداها «ولاّدة» لا ينطبق على البلدان، بل هي كارثة على البلدان «الولاّدة»!