صالح الشايجي
يفتتح اليوم التاسع من ذي الحجة، سوق «الكذب» والنفاق والتزلف والتكلف!
أما المناسبة، فهي أن اليوم يمثل يوم «الوقفة» السابق على عيد الأضحى، وفي هذه المناسبة، أو أن الكذب يستغل هذه المناسبة، ليمشي بين الناس مرحا فرحا ضاحكا، فيرحب به الذين في نفوسهم حب له، لهذا الكذب، فيقومون بتدبيج العبارات المستوردة التي يغترفونها من مناهل صادئة وليست صادقة، مناهل جافة ويابسة وعطشى إلا من تلك التدبيجات الدبقة التي لا تعني شيئا ولا تفضي إلى شيء.
نحن الذين لا ناقة لنا ولا جمل في سوق الكذب والذين لا نعطر جباهنا وخدودنا بعطور الهند ولا روائح باريس ولا نرتدي غالي الثياب لمناسبة العيد، ولا ندق أبواب البيوت ولا نختلف إلى الدواوين بقصد المباركة وإلقاء عبارات التزلف والتكلف والمصافحة والعناق الكاذب لمناسبة العيد! نحن أيضا لن ننجو من «النيران الصديقة» وستنهال علينا حممها الحارقة على شكل رسائل هاتفية ـ لا بارك الله فيمن اخترعها وابتكرها وجعلها نواقيس توقظنا من سبات العسل الذي نغط فيه بعيدا عن سوق الكذب ـ فستنهال علينا تلك العبارات أو ربما بدأت تهل وتنهال وتمطر على هواتفنا الصامتة طوال العام، ولا يقرع أحد «الأحباب» بابها إلا حين مكذبة!
لا أدري لماذا يتبادل الناس التهاني في العيد أو لمناسبة العيد؟! فهل هم الذين ابتكروه؟ أم هم الذين سحبوا الأيام ولياليها كي يأتوا به في غير موعده، ليفاخروا ويتهانوا في تلك المناسبة؟!
كل ما يحيرني لماذا الناس يبذلون جهودا لا داعي لها؟! لماذا يتكلفون ويتزلفون ويعانون ما يعانون من أجل أمر مفتعل لا طائل من ورائه؟!
إن العيد معنى رمزي، وشعيرة دينية، ليس ذلك محل شك أو مواربة، (فصل لربك وانحر) صلاة للرب ثم نحر لإطعام مسكين أو جائع.
ذلك هو الرمز الجميل وهو الطقس الديني الوحيد لمعنى العيد، أما البقية فجوقة كذب وتجارة بائرة في سوق راكدة راقدة على وسادة الوهم.
بعض الأشقياء ونهّازي الفرص، استغلوا هذه المناسبة، ويريدون إخراج الناس من طقوس عيدهم المتمثلة في «النحر» فقالوا للسذج والبله من المسلمين، لا تذبحوا ولا تتكلفوا مؤونة «الذبح» بل اعطونا مالا ونحن «نذبح» عنكم، ونوصل أضحيتكم لمستحقيها!
في مثل ذلك المسلك الوعر جريمة لا تدانيها إلا أن ينحر المرء ابنه، لولا أن رحمة الله حلت و«فدي بذبح عظيم»!
ورغم كل ما تقدم فستحل علينا لعنات «التبريكات»! إنه سوق مفتوح للكذب، بدل أن يكون فهما للرمز الديني.