صالح الشايجي
امتاز الساسة والبرلمانيون اللبنانيون بصك العبارات وإطلاقها، تعبيرا عن الحالة السياسية التي تعيشها بلادهم، فمن كلمة «لعمري» التراثية التي اشتهر بها «رشيد كرامي»، إلى عبارة «هيك وهيك» لـ «حسين العويني» وهو رئيس وزراء، وكذلك عبارة «لا غالب ولا مغلوب» والتي مازالت متداولة في الحياة السياسية والبرلمانية اللبنانية.
أما في مطلع الألفية الثالثة والتي نعيشها الآن فقد صك اللبنانيون عبارة «خط أحمر»! رغم انني لا أعرف معناها، أو لم أر انها تشبيه للواقع واستنساخ منه، لأنه ليس في حياتنا خطوط حمراء، بل هناك إشارات مرورية حمراء، تعني عدم التجاوز ووجوب التوقف، أما الخطوط فهي إما بيضاء تفصل مسارات الطريق، أو بيضاء وسوداء على الأرصفة وتعني إمكان الوقوف، أو سوداء وصفراء وتعني ان التوقف بجانب هذا الرصيف ممنوع!
أما جماعتنا و«حبايبنا» الذين يعملون في «أوبرا سدني» والتي تمثل برلماننا العتيد، فهم لا يبتكرون العبارات ولا يصكونها ولا يتداولونها، بل يستوردونها جاهزة ودون «جمرك» وبالإعفاء الجمركي، وحقوق الطبع ـ بالطبع ـ مهدورة!
من تلك العبارات المعفاة جمركيا، عبارة «خط أحمر» التي استوردها برلمانيون من زملائهم اللبنانيين، دون تدقيق أو فحص أو تمحيص، فراحوا يطلقونها على كل شيء، وأصابهم ما يشبه عمى الألوان، فأضحى كل شيء يرونه «أحمر»!
هل لاحظتم عمى الألوان عند «حبايبنا»، من المقدسات والدستور حتى الدواوين، كلها «خط أحمر»؟! دون ان نعرف ما هو «الخط الأحمر» وتطبيقاته في الواقع! وياليتهم استعانوا بألوان إشارة المرور الثلاثة «أحمر» «برتقالي» «أخضر» لكانوا أقرب للواقع ولفهم الصورة والتطبيق! فمثلا تكون «الثوابت» و«الدستور» إشارة حمراء، غرامة تجاوزها خمسون دينارا، و«الحل الدستوري» إشارة برتقالية، ممكن تجاوزها، مع الحذر وبدون غرامة، والدواوين والجواخير إشارة خضراء لابد من التحرك إذا ما لاحت أمام ناظري السائق، وإلا تسبب في تعطيل المرور وإرباك حركة السير على الطريق «اللي مو ناقصة»! أما عبارة «خط أحمر» فأرجو إعادتها إلى أصحابها اللبنانيين، لأنهم – على ما يبدو – يلونون طرقهم باللون الأحمر، أما عندنا فـ «مو ماشية» ولا أقصد «ماشية» الجواخير!