صالح الشايجي
يحـــاول بعــــض أصحـــاب الأصــوات العاليــــة، والمسمـوعــة ـ مع الأسف ـ من قبل الكثيرين من الجمهور، التشويش على الواقع وليّ عنق الحقيقة من خلال الترويج للواقع القائم الفاسد، في شقه النيابي وكذلك الحكومي، وتوجيه الاتهام لمن يرفض هذا الواقع المشوّه والمزور للديموقراطية، بأنهم «أعداء الديموقراطية»! اي ان كل من يرفض الفساد والاستغلال والطائفية والقبلية السياسية والإسلام السياسي واستغلال الكرسي البرلماني للمصلحة الشخصية وتحقيق مكاسب ذاتية او للترويج لأفكار رجعية لا تتوافق بحال من الاحوال مع الديموقراطية وتتناقض مع نصوص الدستور! من يرفض ذلك الواقع القائم هو «عدو الديموقراطية» حسب ذلك المنطق الفج الذي يعلق على ألسنة البعض منذ سنين ليست قليلة العدد.
نحن لن ننجر الى تلك الساحة الخربة التي تنمو فيها الافكار الكاذبة ويعلو فيها قدر الافتئات والتزوير، بل اننا سنظل واقفين خارجها وعلى تخومها نرجم الواقفين فيها وندفع بالحجة والبرهان ادعاءاتهم التي ان صدقناها او أبقينا عليها فسنكون كأننا قد وافقنا على ابقاء السكين المسنونة قريبة من رقابنا بل تلامسها ملامسة ناعمة حتى تأتي ساعة الاجهاز الكامل لتتدلى الرؤوس حينها مضرجة بدمائها.
ليس لنا صوت مسموع، كما لأولئك المحترفين للتزوير وتغييب الضمائر وتخدير سامعيهم، ولكن هذا لا يعفينا من مسؤولية المحاولة المتكررة والثبات على الموقف الرافض للواقع البرلماني الفاسد، والذي فاحت رائحة فساده لتتجاوز حدود البلاد وتنتشر في الفضاء المجاور والبعيد وتحملها الريح اينما سرت، حتى بتنا وباتت بلادنا معنا، أضحوكة في افواه البعض الشامت ودمعة محبوسة او مسكوبة في عيون البعض المحب.
لا نريد من احد ان يتخلى عن مسؤوليته في إبقاء الوضع الفاسد وإحيائه وتزويده بالأمصال والحقن الممدّة في عمره والمبقية عليه حيا شيطانا يخبط هنا وهناك، فإن كل الذين ترشحوا أو يترشحون للانتخابات، وكل الذين شاركوا في التصويت لمجلس الامة، وانا لا أقصد المجلس الحالي، بل جميع مجالس الامة التي نتجت في ظل غياب الدستور، اولئك كلهم مسؤولون عن هذا الواقع الفاسد، وهم الذين شاركوا في ذبح بلادهم، ثم يذرفون الدمع تحسرا عليها، ورغم تحميلي المسؤولية لأولئك كلهم، فأنا لا أتهمهم ولا أشكك في وطنيتهم، بل انني ادرك تماما حسن نواياهم واحساسهم الوطني الرفيع، وهم ما خاضوا تلك الانتخابات ـ ترشيحا او تصويتا ـ الا بدافع حب وطنهم وايمانهم بالديموقراطية والدستور، واعتقادهم انهم قادرون على التغيير، ولكن ثبت فشل مثل تلك المراهنات، لتبقى المقاطعة هي الدرب الوطني والديموقراطي الوحيد!