صالح الشايجي
عيادة الدكتور النفسي «كاملة الاوصاف» انيقة نظيفة تزين حوائطها الشهادات التي نالها الدكتور من كبرى الجامعات، والجوائز والميداليات التي حصل عليها، وبعض الصور ومنها صورة «سيجموند فرويد» وهو يفتتح العيادة، والى جانبها شهادة منه يشهد فيها للدكتور بأنه تفوق عليه وبزه في الطب النفسي.
اضاءة خفيفة موزعة توزيعا هندسيا، وشموع وزعت بطريقة تبعث على الارتياح وتنشر روائح جذابة في ارجاء العيادة، وسكرتيرة «تبارك الخلاق فيمن خلق» حسناء، هيفاء، جميلة، كأنها من فاتنات السينما الهوليوودية، تتكلم الانجليزية والاوردية والصينية، و«الكلاسات» بطلاقة، اضافة لليابانية والنرويجية والبرتغالية و«دول الاتحاد الاوروبي» و«شرق المتوسط» و«محور الشر» و«الثماني الكبار»... الخ!
ترتدي تنورة اقصر من «شهر العسل بين الحكومة ومجلس الامة»! و«بلوزة» مفتوحة من الجهات الاربع وتكشف دول الجوار واكثر شفافية من «الملاءة المالية لدولة الكويت» ابت ان تخفي ما تحتها بكل اباء وحزم وانفة! اما ما تحتها «فلله في خلقه شؤون» و«سبحان من صور» وكفى حتى لا اقع في المحظور!
رحبت بنا السكرتيرة اجمل ترحيب على انغام موسيقى تراثية هادئة بتوزيع حديث وتعم ارجاء العيادة، وانفردت بصديقي لتعبئة الاستمارة التعريفية التي تحتوي على اسم المريض واسم امه وخالاته «قماشة» و«سبيكة» و«شاهة» وعماته «ريم» و«رشا» و«روان»، واعمامه واخواله، والاطباق التي يفضلها والبلدان التي يحب ان يزورها ومطربه المفضل ـ والذي اتضح انه عواد سالم ـ ومطربته المفضلة «زهور حسين» واحب الالوان الى نفسه وهواياته وقراءاته واصدقائه واين ولد واين عاش واين «ترعرع» التي قالتها بالفرنسية «تغأغأ»!
كان صاحبي مستسلما تماما وهو يجيب السكرتيرة، ولم يخف شيئا البتة حتى انه راح يتذكر حياته ما قبل الولادة وهو في بطن امه واسهب في الشرح، وكيف كان يلعب الكرة ـ آنذاك ـ ببطن امه مع اصدقائه و«عيال الفريج» ومدرسيه الذين درسوه الحساب والجغرافيا والتاريخ!
هنا توقفت السكرتيرة عن الكتابة، واستأذنت للحظات وقامت من مقعدها وذهبت الى حجرة جانبية، خلال غياب السكرتيرة «القسري» جاءتنا خادمة العيادة بكأسين من العصير، وكانت هذه الخادمة اقل جمالا وفتنة من السكرتيرة، ونالت درجة «هيفاء وهبي» ـ فقط ـ!
بعد ان عادت السكرتيرة بقليل سمعنا ضوضاء وجلبة في العيادة، فإذا بالباب يفتح فجأة ويظهر لنا اثنان كل واحد منهما بحجم خزانة «البنك المركزي» طويلان عريضان مفتولا العضلات ويرتديان «ابيض بأبيض»، وباشارة خفية من السكرتيرة طوقا صاحبي بحركة سريعة، كتفاه شلا حركته وحملاه سريعا خارج العيادة الى سيارة تنتظرهما في الخارج ومن العيادة الى «مستشفى الطب النفسي»!
سألت السكرتيرة لماذا فعلت ذلك بصاحبي الذي جاء يتطبب؟! فأحالتني للدكتور الذي قال لي: حالة صديقك صعبة وعلاجها ليس عندي! فإما ان يحل المجلس او تحل الحكومة، او يعود صاحبك الى بطن امه يكمل لعب كرة القدم مع اصدقائه، ويتعلم بقية دروسه! ولما عرضت الأمر على صاحبي اختار «الحل الأخير»!