صالح الشايجي
فهمي هويدي في عالم الكتابة، كمثل قطرة ماء تسكبها على كأس ممتلئة فائضة، فتسقط هذه القطرة من الكأس ليشربها الهواء! فلا هو في عير الكتابة ولا في نفيرها، بل هو كمثل «كاظم مطشر» في جيش «صدام حسين»! أما ان سألت من هو «كاظم مطشر» فهو واحد من الملايين الذين كان يلمهم صدام حسين من الشوارع والأزقة والمصحات العقلية والمواخير والبيوت المشبوهة، ثم يلبسهم زيّه العسكري ويلحقهم بقوافل وجحافل، وهم لا يعرفون إلى أين هم ماضون أو ماذا يفعلون! المهم أنهم يشكلون جيش العراق العظيم!
هذا هو حال «فهمي هويدي» في الكتابة، لا زيادة محسوسة ولا نقص مخل، حرف مكسور وجملة مجرورة على الدوام! تسلل الى الصحافة من خلال تبعيته لمحمد حسنين هيكل، حيث هو (هويدي) أحد صبية هيكل، ومن المراتب الدنيا في «الخدمة» كان أقل من ساعي بريد لهيكل، تسلق على أكتاف هيكل الذي كان حينها الحاكم بأمره على عرش الصحافة المصرية والذي زج بكل أصحاب الفضل عليه ومعلميه وأساتذته وكافلي لقمته، زج بهم إما في السجن أو النفي القسري خارج بلاط صاحبة الجلالة، بل خارج البلاد كما فعل مع معلمه «علي أمين» او في السجن مثل «مصطفى أمين»!
ومن خلال «هيكل» استطاع «هويدي» ان يجد له موقعا في صحافة السلطان واختار الطريق الأسرع للغنى والشهرة ولفتح أبواب القصور، اختار طريق الكتابة المتأسلمة وصار يتقرب من الكهنة والوعاظ والدعاة والمشايخ الذين دفعوا به الى مراتب ما حلم يوما أن يصل اليها.
هو من ذلك النوع المظهري من الصحافيين الذين تعني الصحافة عندهم حضور المآدب والحفلات والنوم في أفخم الفنادق وحضور مؤتمرات الرغي والحكي والزبد الذي يذهب جفاء.
بعدما غربت شمس «هيكل» في الصحافة المصرية ورحل السلطان «وتهدم عرشه» لم ينس «هيكل» صبيه فجره معه الى ما يسمى بالصحافة العربية في أوروبا، ولزمه هناك في صورة تشبه ما يحدث في سوق النخاسة، «هويدي» مع «بن لادن» ضد الإسلام، ومع «طالبان» ضد «أفغانستان» ومع «حماس» ضد «فلسطين» ومع «البشير» ضد السودان ومع «ايران» ضد العرب.
كتاباته لا تقرأ، ولقد قرأت له أنا شخصيا مقالا واحدا في حياتي حينما كان يكتب في احدى المطبوعات عام 1991 أو 1992، وسبب قراءتي لما كتب انه تناولني في كتابته وسخر مقالته كلها للرد علي، فلم أجد فيما كتب ما يستحق الرد، بل حتى القراءة، لذلك أسفت على قراءتي اليتيمة له!
مناسبة هذه الكتابة، هي ايقافه وطرده من آخر معاقل خزعبلاته وتكسباته، وهي جريدة الأهرام العريقة التي طردته وأوقفت كتاباته، وفعلت حسنا اذ فعلت ذاك.
الغريب ان البعض استنكروا ايقافه عن الكتابة في الأهرام مدعين بقيمته وتاريخه، وأراهن أولئك كلهم انهم لو سئلوا عن مقال واحد كتبه واستوقفهم للاذوا بالصمت وربما بللهم شيء من العرق!!