صالح الشايجي
الباكون ـ ولا أقول المتباكون ـ على غزة، إظهارا لحسن نيتي بهم، واحتراما لعواطفهم الصادقة وهم يرون ناسا يموتون، وجثثا لأبرياء تملأ الساحات والشوارع.
لقد صدقوا في بكائهم وفي عواطفهم، ولكن العقل خانهم ـ مع الأسف ـ فهم خزّنوا الدموع وادخروها ليوم فجيعة ما كان غائبا أو غير متوقع، لأن المقدمات كانت تشي بتلك النتائج وبذلك اليوم الدموي الفاجع بالمقاييس كلها.
أما الصورة التي لم يطّلع الباكون على كامل أجزائها وتفاصيلها، فكانت واضحة المعالم والتفاصيل لمن كان يريد أن يرى ويدقق وتفاصيلها كما يلي:
إيران ذات المشروع التوسعي الخطير واللاعقلاني، ترى في اسرائيل المتعقلة عدوا يفسد عليها حلاوة مشروعها، لذلك اخترعت «حماس» ودعمتها وقوّتها لتمكنها من فصل «غزة» عن بقية الارض الجريحة، وقد تم هذا الامر وفعلت «حماس» بالفلسطينيين ما لم تفعله بهم اسرائيل، ولا اريد تكرار المشاهد المعروفة والتي حملت بها الشاشات وولدتها وطافت بها على الاعين كلها، حتى تمكنت من بسط سيطرتها كاملة على «غزة» ليتم لها بذلك تنفيذ مخططات ايران من خلال التحرش الصبياني بإسرائيل، وذلك بإطلاق ما يشبه «المنجنيق» والذي تسميه «حماس» «صواريخ»، ورغم ان هذه «الصواريخ» المزعومة لم تجرح نملة في أرض اسرائيل، فإنها كانت تعطي اسرائيل الذرائع وتمهد لها الطرق من اجل الرد.
ولقد تحملت اسرائيل كثيرا وناشدت العقلاء ان ينصحوا «حماس» بإيقاف ذلك «المنجنيق» الذي يضر «حماس» ولا ينفع الفلسطينيين، ولكن دون جدوى، ولقد سعت مصر كثيرا ودعت الخصوم الفلسطينيين الى اجتماع اثر اجتماع، ولكن ايران توحي لعبيدها في «حماس» بعدم المشاركة في تلك الاجتماعات حتى تظل الفرقة والخصومة قائمتين بين الفرقاء الفلسطينيين، وبذلك يتحقق لإيران غرضها في استفزاز اسرائيل وكسر هيبتها امام العالم حيث انها تتعرض لقصف متواصل من «حماس» وهي لا ترد، موقنة (ايران) في الوقت ذاته بأن اسرائيل لن تحتفظ بصبرها طويلا، وانه لابد من يوم سيأتي وترد اسرائيل وسيقوم العرب قيامتهم المعتادة ويتظاهرون ويحرقون الاعلام ويهتفون بالموت لإسرائيل وأميركا متناسين السبب الاساسي والرئيسي في تسلسل الاحداث.