صالح الشايجي
بعيدا عن الدور الاستعراضي الذي أداه «أردوغان» رئيس الوزراء التركي، في مؤتمر «دافوس» الأخير، فإن دخول تركيا على خط القضية الفلسطينية – الإسرائيلية، هو دور محترم ومطلوب، لاسيما إذا ما تمت مقارنته بالدور الإيراني المخرب والمؤجج والذي يريد أن يتخذ من القضية الفلسطينية سلما يرتقيه لتحقيق أغراضه المشبوهة في المنطقة العربية، والتي تصب في نهر المصلحة الإسرائيلية.
إن علمانية «تركيا» تجعلها على الحياد بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي، فضلا عن انها تمنحها صدقية في لعب الدور التقريبي بين الطرفين المتنازعين وتساهم في إذابة الجليد المتراكم منذ ما يزيد على ستين عاما على الطريق الفلسطيني – الإسرائيلي والذي عجز العرب الذين تطفلوا على القضية الفلسطينية عن إذابته ومعهم بعض القوى والأطراف الأخرى التي تداخلت – آنيا – في القضية، إما بحثا عن دور أو للاستفادة منها كأوراق ضاغطة تستخدمها لمصالحها الذاتية، فإذا ما تحققت تلك المصالح انسحبت هذه القوى وأعلنت يأسها من الوصول إلى حل، يعينها في ذلك عدم العقلانية الفلسطينية والتمسك بحبال الوهم لحل القضية.
لا شك في أن الأتراك يريدون استعادة الدور المفقود ونفوذهم الذي فقدوه مع سقوط دولة الخلافة العثمانية والتي مازالت ظلالها السوداء وذكرياتها المريرة عالقة في ذاكرات ضحاياها الذين مازالت دماؤهم تئن في وجدان شعوب أولئك الضحايا، ولكنهم – الأتراك – يريدون هذه المرة الدخول إلى عالم العرب بطريقة أكثر أناقة من تلك الدموية التي سنها خلفاؤهم واستعبدوا بها شعوب العرب! كما أنهم يهدفون من خلال تداخلهم الجديد بالقضية الفلسطينية إلى تقوية موقعهم لدى الغرب، وحل عقدة الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي.
ولكن رغم هذه المسوغات والمبررات والدوافع كلها، فلابد من إعطاء الدور التركي فرصة للنجاح وتحقيق الأهداف المزدوجة له من ناحية وللفلسطينيين من ناحية أخرى، وإن كنت أعتقد أن السعي التركي سيفشل لأنه سيصطدم بالعقلية العربية الجامدة التي لا تتعاطى مع المسائل الشائكة بالعقل والمنطق والواقعية بل إنها تندفع وراء هيجان العاطفة الفوضوية واللاعقلانية، ولسوف تساعد إيران «نجاد» على ذلك لأنها لا تريد لتركيا أن تحضر في الواقع الفلسطيني – الإسرائيلي أو العربي عموما، بل إن انتشار الفوضى وإبقاء الجمر الملتهب هو ما يحقق مصالحها.