صالح الشايجي
حاولت الكتابة عن «حقوق الإنسان»، فتذكرت أن «فاقد الشيء لا يعطيه»! فمادمت أنا بلا حقوق ولا واجبات «مدرسية ولا منزلية»، فكيف أكتب عن شيء أنا فاقده؟ فتركت الكتابة عن هذا الموضوع الذي هو من اختصاص مجلس الأمة الذي يملك كل «الحقوق» وبالتالي فهو ليس «فاقد الشيء» مثلي!
فقلت أكتب عن «حقوق المرأة» ولكنني اكتشفت ان «حقوق المرأة» صارت مثل النشيد الوطني، الكل يردده وبات على كل لسان! فقلت إذن ليس من جديد في هذا الموضوع أضيفه، مادامت المرأة نالت حقوقها كلها، وصارت تذهب إلى الجمعية لتتسوق وتبتاع حاجيات البيت وتقود سيارتها «المجنزرة» وتذهب إلى «شبرة» الخضرة وسوق اللحم وسوق السمك وتتخانق مع «الكهربجي» وتصفع «البنشرجي» وتخطط للمستقبل وتبكي على الماضي!
إذن أكتب عن «الأزمة الاقتصادية» ولكن سرعان ما طردت هذه الفكرة من رأسي، وذلك بسبب «عدم الأهلية» والقصور! فإذا كنت أعيش في «أزمة اقتصادية» مزمنة ولم استطع حلها، فهل استطيع ان أحل أزمة عالمية حار فيها «أوباما» و«ميركل» و«ساركوزي» و«دبدوب» ومؤتمر «دافوس»؟!
أكتب عن «الفياجرا»! أيضا أمر محظور خشية أن يكون بين القراء، نساء أو قاصرون وقاصرات، وأنا ملتزم أخلاقيا، ولا أحب خدش حياء ذوات الخدور أو ذوات «القصور»!
هل أكتب عن مجلس الأمة؟! ولكنني تذكرت أنني لم انتخب ولم أشارك في العملية الانتخابية، وأنني مواطن مشكوك بـ «ديموقراطيته» وهذا لا يؤهلني للكتابة في موضوع لست أهلا له!
أكتب عن الرياضة، وبالذات كرة القدم، ثم تذكرت أن علاقتي بكرة القدم انتهت منذ أكثر من نصف قرن وقبل أن يخلي الإنجليز مستعمراتهم التي لا تغيب عنها الشمس، وقبل اشتعال حرب تحرير الجزائر وقبل أن تسقط الملكية في العراق، وقبل أن تغني «أم كلثوم» حسيبك للزمن.
«البورصة» عمل ربوي محرم، لا تجوز الكتابة عنه! «عيد الحب» بدعة وتحد للعادات والتقاليد والثوابت! فكيف أروّج لبدعة جاءتنا من الغرب «الكافر»؟! «هلا فبراير» مهرجان الطفولة السعيدة، بكى نايه وخرق طبله، إذن لا تجوز الكتابة عن ميت!
لذلك كله قررت اليوم عدم الكتابة، والاكتفاء بما قرأتموه!