صالح الشايجي
الغناء في بلادنا هو الحلقة الأضعف، وهو اليتيم على موائد اللئام، وهو اللقيط الذي لا يعلن أحد أبوته له، وهو المنبوذ الذي يدّعي الجميع تبرؤَهم منه!
لو تم مثل هذا الأمر في مصر – مثلا – فإننا سنكون قد حُرمنا من أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب والسنباطي والموجي وفريد الأطرش وليلى مراد وعبدالحليم حافظ وأسمهان وسيد درويش وزكريا أحمد.. والخ!
لو تم في لبنان، فلن تكون هناك لا فيروز ولا صباح ولا وديع الصافي ولا نجاح سلام ولا نانسي عجرم، ولا «أبوالزلف» و«الأوف والليّا»!
ولو كان ذلك في سورية فلا «صباح فخري» ولا «نجيب السراج» ولا ميادة ولا أصالة!
بل لو ان مثل هذا الأمر كان معمولا به في الكويت «مال أوّل» ما كان عندنا «عبدالله الفرج» مبدع فن الصوت ولا عبدالله فضالة ولا عوض دوخي ولا سعود الراشد، ولا سامري ولا «عرضة» ولا «سنجني»!
أما ما دعاني للقول عن يتم الغناء ونبذه في بلادنا، فهو ما تم من إلغاء حفلات فبراير، بحجة حرب «غزة» وكأنما «غزة» معزة جرباء حدباء عرجاء ضمر جسمها وانكسر حافرها وجف ضرعها، وليس لها من راع أو والٍ سوى شقيقتها «الكويت»!
تركوا كل أنشطة «هلا فبراير» تسير على حلها وحلالها، إلا الغناء المسكين فقد استضعفوه واستصغروه وأخرجوه وأعلنوا الحرب المبكرة عليه، فخرجت فرمانات التحريم والإلغاء والتجريم، دون أن يشير أحد من القوم المطروبين بإصبع واحدة تدل على الـ «لا»!
حكومتنا تعاني من مرض مزمن هو توهمها بالذكاء، فهي دائما ترى نفسها في غاية الذكاء وانها قادرة على ادارة اللعبة السياسية في البلاد، رغم خسارتها جميع المباريات ودائما تخرج مثل «الأزرق» بدموع اللوعة والخسارة وفقدان النقاط الثلاث!
ورغم هذا فمازال هذا المرض اللعين يلازمها ولم تشف منه ولا أظنها ستشفى من مرض التوهم بالذكاء! فهي حين سارعت بإلغاء حفلات «فبراير» ظنت انها تشتري ضمائر أعداء الغناء في مجلس الأمة وترضيهم حتى يغمضوا عيونهم ويخيطوا أفواههم ويقطعوا أصابعهم لأن «الحسناء» - الحكومة – مرت أمامهم وهم يقطعون البصل شأن صويحبات امرأة العزيز التي أرسلت لهن يوسف فبهتن من حسنه وقطعن أصابعهن!
يبدو أن حُسن الحكومة لم يكن كافيا ليدفع أعضاء المجلس إلى الصمت بل انهم زادوا في خصومتهم وفجروا فيها!