صالح الشايجي
في كل مجلس أجلس فيه أحب أن أكون مستمعا عن أن أكون متحدثا.
لماذا؟
لأنني أحب أن أتعلم، وفي الإنصات تعلّم، ولأنني لا أجيد فن الحديث، وثالثا لأنني قليل علم فيما يتحدث فيه القوم، لذلك ألجأ إلى الإنصات.
وفي مجلس أخير جلست فيه، سمعت ما لم أكن أود أن أسمع، فقد تحدث أهل الخبرة في أمور البلاد العامة وبالذات ما يتصل منها بالشأن الاقتصادي المضروب حتى الجذور، وسمعت كلاما يخزّن في القلب الحزن ويراكمه.
شركاتنا – أو أكثرها – وهمية، لا تنفع الاقتصاد الوطني ولا تضيف له، شركات من ورق وعلى الورق، تجبي الفلوس وتربح وتتربح وتزيد من أرصدة أصحابها، ولا تنتج شيئا للوطن وللمجتمع، وحينما حلت الكارثة الاقتصادية انكشفت هذه الشركات وبدت انها بدون ملاءة ولا ساتر يستر عورتها!
فساد وتربح غير مشروع يمارسه من هم في السلطة الشعبية والذين جاءوا ينقذون البلاد من الفساد، فإذا هم يركزون في قلب البلاد ركائزه ويضربون له أوتادا، فيربو الريش على أجسادهم العارية ويكسبون ويتربّحون!
المتحدثون أولئك لا يتحدثون من فراغ ولا ينطلقون من تخمينات وشكوك، بل يوردون الأسماء والعلامات والقصص الواقعية والقضايا التي حدثت وجنى منها المفسدون أرباحا بالملايين في استغلال واضح لمواقعهم السياسية.
قضايا وقصص وأشياء مقززة تظهر كمّ الانحدار والانزلاق إلى بئر الفساد والتكسّب غير المشروع والتربح من أموال الوطن الجريح والشعب الذي يحار كيف يعيش في هذا البحر المتلاطم من الاستغلال والوصولية والانتهازية!
واقع مرير وفيلم مخيف ومرعب كنت من حاضري وقائعه وأحداثه المؤلمة استمر على مدى ساعات طويلة، ومازال العرض مستمرا وبأحداث مأساوية جديدة!
فإلى أين نحن ماضون؟! وإلى متى سيستمر الحال على ما هو عليه وأسوأ؟! لست أدري!