صالح الشايجي
«لم تزل ليلى بعيني طفلة لم تزد عن امس الا اصبعا»
هكذا قال امير دولة الشعر «احمد شوقي» على لسان «قيس» عاشق «ليلى» المخلدة في ملكوت الحب!
ولو ان «شوقي» الامير، كان قد عرف «الرياض» المدينة والعاصمة السعودية، فماذا سيقول عنها؟!
الرياض «السعودية» لا ينطبق عليها «لم تزد عن امس الا اصبعا» كحال «ليلى»، بل انها زادت مدنا ومدنا ومدنا واحياء وانفاقا وجسورا وطرقا ممسوحة مسحا وكأنها خد «ليلى» ان كان خد «ليلى» المعشوقة املس ممسوحا مغسولا كخد «الرياض» وربما كان خد «الرياض» اكثر نعومة من خد «ليلى»!
ليس لـ «ليلى» من يشهد لها في زمننا الراهن، سوى خيالات الشعراء، اما «الرياض» فكلنا عليها شهود، كل ذي عينين يرى، وكل ذي شفتين يحكي ويروي، وكل ذي نهية او عقل يشهد بأن امس الرياض ليس كيومها، او ان «رياض» الامس، ليست هي «رياض» اليوم!
كان لي شرف تلبية دعوة كريمة لحضور مهرجان «الجنادرية» الثقافي الرابع والعشرين المقام في «الرياض» التي عرفتها قبل ثلاثين عاما مدينة كانت تزحف نحو العصر محملة بأثقال من امسها وعلائم من ماضيها تكاد تثقلها عن اللحاق بالعصر، ولكن «الرياض» التي رأيتها ـ الآن ـ لم تكن الا معلما عصريا ربما سبقت عصرها بقليل من الزمن! حداثة في كل شيء، مدينة ممدودة ممتدة لا تكل من الامتداد والتوسع والعصرنة في المبنى والمعنى، كل شيء فيها ينطق حداثة وفخامة تدلان على جهد بذل في سبيل ان تكون «الرياض» عاصمة العرب، ومعلما حضاريا يشهد على رشد الحكم واخلاص الحاكم لبلده وتنميته واسعاد من يعيش على ارضه وتوفير مستلزمات العصر لمن اختار تلك البلاد سكنا له، إنْ مواطنا او وافدا جاء مساهما في رفد تلك النهضة.
وكان من برنامج الزيارة، التشرف بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي استقبل ضيوف «الجنادرية»، ومعرض الكتاب، فكان لقاء كبيرا من زعيم عربي كبير كانت كلمته لنا تحية أطلقها من «المملكة العربية السعودية» حامية الإسلام والعروبة والإنسانية، كما جاء في كلمة جلالته الترحيبية بنا! وهي ـ فعلا ـ كذلك حامية للاسلام من العابثين به، وحامية للعروبة من الذين يمزقون لواءها ويحملونها ما لا تحتمل، وكذلك حامية للانسانية من خلال مشروع الملك عبدالله بفتح «حوار الحضارات».