صالح الشايجي
الهمّ يطول، والعمر يقصر.
العافية تتراجع، والمرض يمتد ويتطاول في هذه الاجساد.
الذاكرة تشرب ماءها وتجف، والنسيان يدخل دون استئذان ويعلن وحدانيته.
الماضي اطول من المستقبل، والأمس أكثر اشراقا من اليوم.
الكلمات تتناقص، والكلام يكثر متكررا ومتوالدا، ينسل نفسه من نفسه.
الاصدقاء باتوا كالمومياوات، محنطين في متحف ذاكرتك، تتذكرهم في الاعياد والمناسبات السياحية، الى ان تنضم اليهم مجرد مومياء لمن كان انسانا يحيا ويتحدث ويهذي.
المقابر صارت منتديات اجتماعية، يلتقي فيها الناس اكثر من لقائهم في الحدائق والرياض والجنائن.
كلما دقت طبول العرس انفتحت حلبة للمصارعة الازلية بين الذكر والأنثى.
وكلما شهق وليد شهقته الاولى اختفى نجم من السماء وهوى.
الغني يعمل على زيادة غناه، يصل الليل بالنهار كي تزداد ثروته.
والفقير يدعو للغني بزيادة غناه، ولا يتذكر ان غنى الغني افقار له واستحواذ على نصيبه من رغيف يابس.
احيانا لا يتذكر الانسان سبب عدائه لانسان آخر ولا لماذا خاصمه، ينسى الاسباب ويتذكر فقط تعزيز الخصومة، واذكاء نار الحرب.
النساء يتجملن من اجل الرجال ويمنعنهم من الاقتراب.
والرجال يطاردون النساء ويبذلون الغالي والنفيس، وحينما يقعن في الشرك ويقضون الوطر، يمطرونهن باللعنات.
شبع مؤقت يليه جوع دائم ونهم متطاول.
كلما انسلخ عام من عمر الانسان اشعل شمعة في ظلام عمره، وتاه في صحراء دهره.
الابواب تغلق دون الغرباء، اما الاحبة فـ «البيداء دونهمُ».
شعراء وكذابون وسياسيون وقادة وزعماء وعساكر ورسامون وحدادون ومخترعون وروائيون وكتاب، كلهم يعملون في ورشة واحدة اسمها «الحياة»، يموتون هم وتبقى هذه «الورشة» التي صنعوها لتنبذهم بعدما تمتص رحيقهم.
حياة، دنيا، دنيّة، دنيئة، اولى، زائلة، فانية.
فعلام الحرب بينكم علامَ؟!