صالح الشايجي
«أنا رديت لعيونك أنا رديت ولك حنيت مثل ما يحن حمام البيت».
رائعة «عبدالكريم عبدالقادر» قد يقصد محبوبته الأنثى التي رجع لعيونها وحن لها مثلما يحن الحمام إلى بيته أو عشه!! ولكنني كلما سمعت هذه الأغنية تحرك في داخلي شيء ربما هو بكاء أو حنين أو شوق، لأنني أترجم هذه الكلمات على أنها حنين إلى الوطن وعودة إليه، لذلك فأنا أعتبرها اسمى الأغاني الوطنية العاطفية، لأنها مزجت العاطفة بحب الوطن، وذلك هو مبلغ الاحساس الوطني وقمته.
وطني يئن وأحس بأنينه قبل أن أسمعه!!
ان أنين الأوطان ينم عن مرض عضال، فهل نحن منتبهون ومتيقظون لما يلم بوطننا؟ هل نسمع أنين وطننا ونخشى عليه ونخاف من ملمة ألمت به؟ أم نحن عن أنينه ووجعه ساهون سادرون في غي وضلال مبين؟!
بكل تجرد ودون تفكير فيما يجب أن أجيب؟ أقول ـ وكلي أسف ـ نعم نحن ساهون تصم آذاننا عن أنين وطننا، رغم ان هذا الأنين ينطلق منا نحن ومن داخلنا!! نحن جوف الوطن وقلبه، فإن تعافى القلب تعافى الجسد، ولكننا ـ ونحن القلب ـ مرضى غير متعافين.
مرضنا كما قال القائل «منا وفينا»!
نحن مرضى ومرّضنا وطننا معنا، فليس من وطن يمرض وأهله أصحاء ومتعافون!!
ان تحن الى الوطن وأنت خارجه، فذلك أمر طبيعي، أما ان يكون حنينك اليه وأنت فيه، فتلك مصيبة سوداء وداهية دهياء، لأن هذا يعني انك غريب في وطنك، وان وطنك فرّ منك، خطفوه وأخفوه وطمروه تحت أقنعتهم، فتظل تلوب وتلوج بحثا عن وطنك ذاك الذي رسمت تفاصيله في زاوية من ذاكرتك!!
فأين أنت يا وطني المفقود؟ فتشت عنك في زوايا ذاكرتي كلها فلم أجدك!! لقد استولوا حتى على ذاكرتي!! فمتى تعود إلي يا وطني؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله