صالح الشايجي
لست أرى مبررا واحدا لمنع الانتخابات الفرعية التمهيدية للانتخابات العامة لمجلس الأمة أو البلدي!
إن هذه الانتخابات تجري داخل شريحة اجتماعية معينة، إما سياسية أو طائفية أو قبليّة، وقناعات الناس الذين تنطبق عليهم شروط المشاركة في هذه الانتخابات، هي التي ستحدد الفائز فيها، وهذا من شأنه أن يخفف عدد المرشحين للانتخابات العامة، وهو بالتالي يجري وفق معايير ديموقراطية لا تمس بالأسس الديموقراطية العامة، فلماذا يجري المنع والتضييق وركب الأهوال والصعاب وتجييش الجيوش وانتهاك حرمات البيوت واستخدام الأسلحة وقنابل الدخان والغاز وتعريض أرواح المواطنين والعسكريين للخطر، دون طائل؟!
لم يفكر أحد في طبيعة تلك الانتخابات الفرعية وأين تكمن أضرارها، لاسيما وانها ليست إجبارية لبني الفئة التي تجريها لا بالترشيح ولا بالانتخاب، ولكن لأن أصحاب الأصوات العالية والمغالين في حب الديموقراطية، وصفوها باللاوطنية واللادستورية، فقد تم تبني هذا الفهم الخاطئ وجرى منعها وتجريمها حسب قانون صدر لذلك الخصوص، علما بأن منعها مستحيل مهما نشطت أجهزة وزارة الداخلية ورجال مباحثها والمندسون والعيون الراصدة، ما يقلل هيبة الوزارة، ويؤكد ان القانون الذي لا تستطيع ان تحميه وتطبقه فالأفضل عدم إصداره، حتى لا تنكشف رهافة وهشاشة الأجهزة المنوط بها تطبيقه!
وما ينطبق على الانتخابات الفرعية، ينطبق أيضا على شراء الأصوات والذي لا تخلو منه ديموقراطية ما على سطح الأرض! فلماذا يجرم شراء الأصوات، ويعتبر الشاري والبائع شريكين في جريمة واحدة، وإن كان حظ البائع أوفر في الإفلات؟!
إن من يشتري الأصوات هو مقتدر وقادر على الدفع، والبائع صوته في حاجة لذلك المبلغ الذي سيقبضه من المشتري وتلك هي فائدته الوحيدة، أما المشتري والمؤمل أن يكون نائبا في البرلمان، فإنه سيحصد الخير الوفير والملايين التي تلد ملايين! فلماذا إذن يمنح الناخب صوته بالمجان لمن سيغرق بالمال العام ويتمرّغ في نعيمه ويبني القصور والعمارات ويحصد المناقصات، والأمثلة على ذلك كثيرة من الذين دخلوا البرلمان وحققوا الفوائد والأرباح وحصدوا الملايين.
إن كانت ثمة جدية في محاربة الانتخابات الفرعية، وشراء الأصوات، رغم عدم اقتناعي بتجريمها وبكونها جريمة، فإن على الحكومة عدم التيسير على تلك النوعية من النواب التي تسعى الى تحقيق مصالحها المحرمة من خلال عضويتها في البرلمان، وأن تطبق القانون على الجميع ليتساوى جميع المواطنين في الحصول على الفرص ذاتها، وبذلك لن يشتري مرشح صوتا حتى لو بدينار، ولن يترشح أحد لفرعية.