صالح الشايجي
لم تخل الكويت على مدى تاريخها من الوجود القبلي، ولكنه وجود فردي، بمعنى ان من مكونات الشعب الكويتي أفرادا ينتمون الى قبائل، ولكنهم لا يشكلون داخل المجتمع وحدة قبلية واحدة، وهم في الأغلب والأعم انسلخوا من القبيلة ولا يحملون موروثها الثقافي، بل هم موجودون في مجتمع مدني كوَّنوا عاداتهم وطبائعهم وثقافتهم منه، وهم عَصَبُهُ وليسوا طارئين عليه.
هذه حقيقة المجتمع الكويتي، ولكن القارئ الفطن سيفطن الى ان مثل هذه الصورة خاصة بمدينة الكويت، او ما يسمى داخل السور، ومغيب عنها ما هو خارج هذا السور! وهذه حقيقة!
إذن ما الصورة الرديفة خارج السور وفي براري الكويت وصحرائها المتسعة آنذاك؟!
الجانب الآخر من الصورة الكويتية، أو صورة الكويت خارج السور، نجد فيها بدوا رحلا وبدوا مقيمين، و«بدو» هنا تعني «أبناء القبائل».
وهؤلاء حافظوا على حياتهم الخاصة وثقافتهم وموروثهم وكانت علاقاتهم بالمدينة غير متينة أو وقتية خاضعة لظروف تجارية واقتصادية وتبادل المنافع، ولم يُغْرِهم وضع المدينة ـ آنذاك ـ على العيش فيها، خاصة ان المدينة لم تكن ذات وضع اقتصادي مريح او يحقق مكاسب معيشية، أما الرحّل منهم فإن عدم استقرارهم داخل الحدود الكويتية يخضع لتفاسير كثيرة، منها عدم التأكيد على معنى الحدود الدولية بين الدول، فكانوا ينتقلون بين دول المنطقة دون ان يعرفوا في أي البلاد هم، بل انهم يحددون مواقعهم بأسماء خاصة بهم لا علاقة لها بالحد الجغرافي لهذه الدولة أو تلك.
هذه هي الصورة باختصار، أبناء قبائل يعيشون فرادى داخل المدينة، وقبائل تعيش في الصحراء، وقبائل لم يقر بها القرار داخل الحدود الكويتية، نضيف لذلك وجود قرى كويتية في شمال البلاد وجنوبها سكنها بعض أبناء القبائل والذين كانت علاقتهم بالمدينة متينة، وكذلك سكنها بعض الحضر.
وإلى الغد.