صالح الشايجي
فيما بعد ظهور النفط والذي تسبب في تغيير الحالة الاقتصادية في البلاد، تغيرت كثير من الاوضاع، وانخرط الكثيرون في العمل بـ «الشركة» ـ والمقصود بها شركة النفط ـ وتشارك في ذلك أبناء المدينة وابناء الصحراء والذين ساعدهم المورد المالي المنتظم على الاستقرار والولوج الى الحياة المدنية الكاملة، وبالذات من لم يكن مستقرا على الارض الكويتية، وبحكم ظروف الاندماج والتعاطي بالشؤون الفنية ومقتضيات العمل النفطي، تخلى اولئك رويدا رويدا عن بداوتهم واستبدلوا المساكن الحديثة ببيوت الشعر والخيام، ولم تعد لهم مضارب او نوق يشربون حليبها او جمال يبحثون لها عن الكلأ والماء ويتاجرون بها ويتعيشون من ورائها.
تلك الصورة تغيرت تماما، والى جانب المنزل الحديث، كانت هناك السيارة ايضا، حتى أنماط الأكل تغيرت، وحلت ثقافة جديدة نسفت تلك القديمة نسفا شبه كامل.
الصورة حتى الآن وردية وجميلة وطبيعية، ولكن حدث ما شوهها وأساء الى اصحابها لتنسحب الاضرار فيما بعد على البلاد بأكملها.
فقد فكرت اطراف ذات نفوذ في البلاد، في اذكاء نار القبلية بقصد لا اظنه حسنا او بنية لا اخالها خالصة لوجه الوطن او لوجه القبيلة، بل لأغراض وحسابات خاصة، ظن اصحابها انهم قادرون على الاستفادة منها.
البدو الذين اندمجوا سريعا في الحياة المدنية وكانت لديهم القدرة الفائقة على تلبس الحالة المدنية والذوبان فيها والتعامل مع معطياتها تعاملا صحيا وصحيحا، وشكلوا إضافة مهمة للجسد المنتج في البلاد، يبدو أنهم أزعجوا أصحاب تلك الأغراض غير الحميدة، فراحوا يفكرون في كيفية شرذمة المجتمع وايجاد كيانات في كانتونات سكنية تجمعها وحدة واحدة، وهي العرق أو القبيلة فنجحوا في مخططهم بسرعة فائقة واستطاعوا تكوين تلك الكيانات البشرية والكانتونات الاسكانية، وشجعوا الكثير من ابناء قبائل الخارج الكويتي، اي الذين لم يكونوا في الاصل من سكان الكويت، لا الصحراء ولا المدينة، على السكن في الكويت ونيل الهوية الكويتية!
وإلى الغد.