صدر للسيدة «هيلاري كلينتون» وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كتاب اسمه «الخيارات الصعبة» وهو عبارة عن تجميع لمذكراتها وأهم الأحداث التي عايشتها خلال توليها منصبها ذاك.
وما ان صدر الكتاب وطرح في الأسواق، حتى اشتغلت آلة الكذب العربية لتنسج لنا ما يشبه الأساطير والخرافات نسبها ناسجوها إلى السيدة «كلينتون» وأكدوا وجودها بين دفتي الكتاب وعلى صفحاته.
ومما قالوه من خرافات وأساطير، أن «كلينتون» قالت إنهم ـ أي الأميركيين ـ كانوا يخططون لإقامة دولة إسلامية في سيناء، وأنهم سيفتحون الحدود المصرية ـ الليبية وسيسلمون «حلايب» و«شلاتين» المصريتين للسودان!
كلام يرقى ـ فعلا ـ إلى درجة الخرافة والأسطورة ولا يمكن في حال من الأحوال تصديقه أو حتى التفكير فيه، ومهما بلغت درجة الغباء والغفلة فلا يمكن تصديق صدوره من وزيرة خارجية الولايات المتحدة.
ولكن آلة الكذب العربية تعزف مواويلها وتغنيها وتسلطن عليها بعيدا عن الحقيقة وجريا وراء تلك الأساطير التي روجتها وصدقها العامة والدهماء من بسطاء العرب وسذجهم، وراحوا بدورهم يروجونها ويقومون بالتحليل بناء عليها، ويستخرجون ويستنتجون ويحيكون على مغازل الخيال وينسجون!
كل هذا ولم يكلف أحد منهم نفسه عناء شراء الكتاب وقراءته ليعرف الحقيقة، ومن باب «بلى ولكن ليطمئن قلبي»!
واضح ان القصد من ترويج هذه الأكاذيب والتلفيقات ونسبتها للسيدة كلينتون هو الإساءة للإخوان المسلمين لأن كل الأحداث المنسوجة من خيوط الخيال كانت أيام حكم الإخوان المسلمين لمصر، لأن بقية القصة المتهافتة تقول «ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان فقد قامت ثورة 30 يونيو لتجهض هذا المشروع»!
وتزداد المصيبة مصيبة إذا ما علمنا ان بعض الكتاب العرب قرأوا الكتاب ونفوا تلك الأكاذيب في مقالات منشورة، ولكن الذين انطلت عليهم تلك الأكاذيب لم يقرأوا حتى تلك المقالات، وظلوا في جهلهم يعمهون ومازالوا إلى اليوم يرددون تلك الأكاذيب ولو سألت أحدهم: هل قرأت الكتاب؟ سيجيب بالنفي ولكن رغم هذا هو مصدق، وربما سألت آخر وأجابك: نعم قرأته!
إذا كان الواقع يزوّر أمام أعيننا ونحن شهود عليه، فما الذي تم إذن في تاريخنا الذي نقرؤه ومرت عليه عشرات القرون؟!
[email protected]