صالح الشايجي
«رفيق الحريري» باني لبنان الحديثة ولاعق جراحها الملتهبة، ومداوي قروحها ومطفئ نارها ومن ثم رئيس وزرائها حتى قضى شهيدا في سبيلها، كان «مزدوج الجنسية» ومثله ابنه «سعد» زعيم الأكثرية الحالي.
وفي مصر وزراء مزدوجو الجنسية، وفي العراق الحديث الطبقة الحاكمة كلها تقريبا من مزدوجي الجنسية!
هذه مقدمة أرد بها على تلك الإثارات عندنا والحقن ضد مزدوجي الجنسية الحاملين للجنسية الكويتية مقرونة بجنسية دولة أخرى.
أرى أن النظرة للقضية بصورة أحادية وعجلى قد تساعد على إثارة بلبلة عند العامة ممن لم يدققوا بتفاصيل القضية ولم يلموا بأطرافها كافة.
ازدواجية الجنسية ليست جريمة – لا في العصر الحديث ولا القديم أيضا – وربطها بالولاء ليس صحيحا، بحسب ما يقول الرافضون للازدواجية والذين يشككون بولاء مزدوج الجنسية للكويت.
تمنح الدول – عادة – جنسيتها كنوع من التقدير لأشخاص ليسوا من مواطنيها، وتكريما لهم على دور أدوه في خدمة البلد. ومنحت مصر جنسيتها للمايسترو اللبناني «سليم سحاب» وكذلك للمطرب اللبناني وديع الصافي، رغم أن مصر ملأى بالفنانين وقامتها في الفن قامة المعلم. وتحمل المطربة اللبنانية «صباح» عديدا من الجنسيات من بينها الجنسية الأردنية والمصرية، وكذلك منحت مملكة البحرين المطربة السورية «أصالة» الجنسية البحرينية.
لم يستكثر أهل تلك الدول على حكوماتهم منح الجنسية لغير المواطنين، وفي المقابل لم يتهم اللبنانيون وديع الصافي أو سليم سحاب بازدواجية الولاء، وكذلك السوريون لم يتهموا مطربتهم «أصالة».
إن مفهوم استقلالية الدولة وارتباط المواطن بوطنه، لم يعودا كما كانا سابقا محصورين في نطاق ضيق من الفهم، وذلك بحكم التمدد الحادث الآن بين الدول وتشابك علاقاتها، كما ان الولاء للوطن والانتماء إليه لم يعودا مفهوما عاطفيا بل هما مفهومان تحددهما القوانين وخاضعان للواقعية السياسية ومدى حاجة الدول لطاقة أبنائها.
أما الانتماء من حيث العاطفة والحنين والذكريات، فقد يكون للوطن ولغيره من الأماكن أو الدول التي عاش فيها الإنسان.