صالح الشايجي
هل الفصاحة مطلوبة من الوزير؟! أم العمل الحسن؟!
كلما تم الاعلان عن استجواب، خرج البعض ليقول: ان هذا الوزير لا يحسن الحديث، وبالتالي سيسقط، حتى ان كان فعله مطرزا بالذهب.
يعتبر البعض ان الاستجوابات حرب كلامية، وبلاغة وفصاحة وانشاء، وانشاد، فإن تحدث الوزير وأحسن الحديث فقد فاز باللذات وخرج منتصرا ومرفوعا على الاكتاف، حتى وان كان أداؤه الوزاري خائبا ومعيبا وتحيطه مئات من علامات الاستفهام!
اما ان كان عييا اي عاجزا عن التعبير وغير مفوه ولا هو بليغ أو فصيح، فإنه يسقط مضرجا بلعثمته وعابته ألسنة الشامتين وأسقطته اصوات المصوتين على طرح الثقة.
يؤجل بعض النواب آراءهم في الاستجواب، قائلين ننتظر رد الوزير! وهم هنا لا يقصدون الردود العملية التي تفند محاور الاستجواب، بقدر ما ينتظرون الردود البلاغية للوزير، فإن بدأ خطابه بالبسملة متبوعة بآيات من الذكر الحكيم ثم أحاديث شريفة، وراح يعرّج على حوادث التاريخ وسير الصحابة والاقدمين واستل سيف الشعر وأطنب في أبياته وحلّق في عالم الخطابة والفصاحة وهز المنبر هزا ورج المجلس رجا، فإنه سيفوز بالسلامة ويدحر كائده ويحرجه ويخرجه، رغم أنه لم يجب ولو بسطر واحد من مدونة الوعاظ تلك عن أي من محاور الاستجواب ولم يفندها، اما ان كان من الانقياء الاتقياء المخلصين لعملهم والذي يبدأ جوابه على الاستجواب بنقاط محددة وواضحة و«أولا» و«ثانيا» و«ثالثا».. فإنه لن يبرح المنصة الا متوكئا على عصا الفشل، ومن المنصة الى البيت، لماذا؟ لأن المستجوب أفحمه، و«ما خلّاه يعرف يحكي».
مؤسف جدا ان يتحول العمل السياسي الى عمل خطابي يخلو من الموضوعية والانجاز، ولا يتم التركيز فيه على المهنية والاداء والانجاز وما يفيد المجتمع ومدى ما قدمه هذا الوزير لصالح عمله واتقانه ومراعاة ضميره الوطني في أدائه الوزاري.
ولكن هذا المؤسف لا يجد صدى عند الناس، بل هم يريدون تحويل المجلس الى حفل غنائي أو مسرحية أو حلبة مصارعة، لا يفتنون فيها باللاعب الجيد والمتقن لأصول اللعبة، بل باللاعب المشاكس وصاحب الحركات الارتجالية والبهلوانية والتي تخرج عن اصول اللعب! وان كان هذا جائزا في حلبة المصارعة أو في المسرحيات الفكاهية التي يخرج فيها ممثلوها على النص ويرتجلون حصدا للجماهيرية والضحك، فإن العمل السياسي مختلف تمام الاختلاف، والسياسي يكسب مكانته بشرفه السياسي والتزامه المهني وأدائه الرفيع، لا بخطابته أو وسامته والكاريزما التي يحملها.