صالح الشايجي
العشوائية السياسية التي عاشتها الكويت على مدى ما يقرب من ثلاثين عاما، اوجدت ورسخت مفاهيم سياسية خاطئة، هي ليست من صلب السياسة ولا من هوامشها، فدخل عالم السياسة من هم ليسوا سياسيين ـ اساسا ـ ولا علاقة لهم بالسياسة من قريب او بعيد، سواء في مجلس الامة او حتى كوزراء في الحكومة، وان كان يشفع للحكومة استعانتها ببعض اهل التخصصات (التكنوقراط) للاستفادة من درايتهم وخبراتهم في تنفيذ المشاريع التنموية، فإنه ليس من مبرر لان يدخل الهواة والحواة واصحاب الاغراض واهل الهوى في عالم السياسة من خلال بوابة مجلس الأمة.
والادعاء بأن الديموقراطية تتيح لكل من يرى في نفسه الكفاءة لتمثيل الناس، ان يعلن نفسه مرشحا وصناديق الاقتراع يكمن فيها الجواب، هو قول مجحف ومضر ومسيء، لذلك تسعى كثير من الدول الديموقراطية الحقيقية الى تقييد هذا الامر وعدم فتح الباب الديموقراطي مشرعا وعلى مصراعيه لكل من سولت له نفسه «تمثيل الأمة»!
فوضعت تلك الدول شروطا لمن يريد ترشيح نفسه لعضوية البرلمان، حتى لا تعم الفوضى التشريعية ويتسلم مقاليد التشريع والرقابة من هم ليسوا أهلا لها.
ولعل هذا اوضح ما يكون في برلماننا الذي تحول الى ندوة دينية يتقاذف فيها الخطباء التنابذ الطائفي او يلقون من على منبرها مواعظهم الدينية!
خطباء المساجد ومدرسو الشريعة ومن هم على شاكلتهم او يقلدونهم ويسيرون على خطاهم هم الذين لهم الحظوة والاكثرية في مجالسنا على مدى الاعوام الثلاثين الماضية، وهو ما ساهم في صرف العمل الديموقراطي عن مساره الصحيح، وعطل عجلة التنمية في البلاد وأتاح الفرصة وشجع بعض نهازي الفرص والاستقلاليين على دخول الندوة البرلمانية، فساء الوضع وسارت البلاد نحو اتجاه آخر غير الذي يفترض ان تسير عليه وما كان مخططا له في بدء الحياة البرلمانية في البلاد.
ان الذين يريدون حماية الديموقراطية في البلاد عليهم ان يختاروا الطريق الصحيح الذي يسيرون عليه لتحقيق هذا الهدف، والابتعاد عن الادعاء بحماية الدستور، لان الدستور وبوضعه الحالي هو الذي جمد الحياة السياسية وهوى بها الى هذا الدرك الذي هي فيه الآن، وهو الذي اوقف عملية التعديل او التدقيق في هويات «ممثلي الامة»!