صالح الشايجي
كدت انجرف مع المنجرفين، فأسير في موكب دقاقي الطبول في زفة «المسرحين» من «القطاع الخاص» وذلك بسبب ما كنت اقرأه من اخبار صحافية وكتابات ومواقف واقتراحات لاعضاء مجلس الامة وتكبير «كيكة المسرحين»، حتى جاءني الخبر اليقين، وعرفت ابعاد الموضوع واسباب نشوئه وحقيقته الجلية التي حولها البعض الى اهداف يصيبون منها شيئا من شعبية وارتزاق وبطولة سمجة على حساب مصلحة الوطن العليا.
لقد كشفت الحقائق لنا ان اصل الموضوع ولب القضية هو ان القطاع الخاص الجاد والشركات الفعلية القائمة والمنتجة لم تسرح احدا، وان كانت قد «سرحت» احدا واستغنت عن خدماته، فإن العدد المسرح لا يشكل ظاهرة عددية تستحق تلك الزفة الكاذبة وذرف الدموع البراقة الحراقة والادعاء بالتحسر على زهرة شبان الوطن الذين باتوا بلا عمل تتقاذفهم الارصفة وتركبهم الديون! بل ان اولئك الشبان وبما لديهم من كفاءة مهنية ـ كل في قطاعه ـ سيجدون باب الرزق مفتوحا امامهم، وان العمل الجديد يستدعيهم وهم نائمون في اسرّتهم.
ذلك جانب من الحقيقة، وهو الجانب الايجابي، اما الجانب الحقيقي الآخر وهو السلبي والذي مع الاسف تم تغييبه وتسريحه بعيدا عن الانظار، فهو ان من تم تسريحهم كانوا موظفين «وهميين» في شركات ومؤسسات وهمية كانت تستخرج الرخص التجارية وتوظف الاقارب والابناء والمقربين توظيفا وهميا من أجل اتاحة الفرصة لهم للحصول على مكافأة «دعم العمالة»! فلما انكشف امر هذه الشركات وموظفيها «الوهميين» والذين لم يكونوا يعرفون اساسا مقار شركاتهم المسجلين على قوائمها كموظفين مستحقين لدعم العمالة، لأن هذه الشركات بلا مقار ولا مكان لها الا على الورق، حينذاك وعندما دُق جرس الانذار وانكشف المستور ثارت الثائرة وانبرت الالسن تشكو واخذت العيون تبكي وتذرف الدموع وتلقف «الشعبويون» القصة وراحوا ينسجون لها وحولها خيالات واكاذيب وتوهمات بخيوط الكذب الواهية!
فما المطلوب؟ هل المطلوب ان نبقي على التزوير وندافع عن المزورين؟! ام نحاربهم ونعاقبهم؟!
ولكننا في بلاد العجائب والاساطير، لذلك نجعل من الجلادين ضحايا ومن السراق شرفاء وابرياء، نقيم لهم التماثيل في صدورنا ونمشي في مواكبهم منكسي الرؤوس ذارفي الدمع.