صالح الشايجي
نال المفكر المصري «سيد القمني» جائزة الدولة التقديرية، فشبت النار في صدور البعض ولم تنطفئ بل سار لهيبها ليحرق يابسات كثرا وخضراوات اكثر! والحجة ان «القمني» كافر او انه خارج عن الملة، يُدق عنقه ويُسلخ جلده وتغرز في عظامه السكاكين ويجري دمه بين القبائل وتسير الهوادج بلحمه الممزق وجلده المسلوخ وعظامه المجروشة! لا ان يكرم وباسم الدولة! فكيف لدولة المسلمين تكريم الكافرين؟!
لم ينس شبّابو النار وساكبو الزيت عليها ان يدخلوا «المفتي» ضمن هوادجهم الضاربة عرض صحارى الحياة وفيافيها، حتى يكتسبوا شرعية وغطاء دينيا، فاستفتوه في امر تكريم «الكافر»!
ان الحكم بكفر المرء على اي دين كان ذلك المرء، هو اعتداء على رب الدين لا معتنقه، لان رب الدين وحده، هو الذي يعرف من كفر به او بقي مؤمنا! و«القمني» فكر واجتهد وسار على الملأ ناشرا ما كتب وما فكر واجتهد، ولم يسر بدعوة مريبة غامضة في الكهوف والسراديب والاقبية ولم يصدع بواد غير ذي زرع! وسبق «القمني» ولحقه كثر من اصحاب الآراء والاجتهادات التي ترفض «تجميد» الفكر وحصر وكالته في جماعة معينة تحلب ضرعه على هواها وتشربه سائغا لذيذا وتمنعه عمن لا يهوي تحت اقدامها!
«المحتسبة» يسيرون بين الناس لا لنشر التسامح الديني وتعزيز مكانة الدين في نفوس الناس والالتجاء العاطفي لمكوناته الغيبية وقوائمه الايمانية، ولكن يسيرون بالتشكيك وبمحاكمة النوايا وبتصيد «الكافرين» لدق اعناقهم! فهم يبطلون وتبطل «حسبتهم» اذا ما تفشى الايمان في صدور الخلق، فالتزموا الايمان في صدورهم وفي كريم افعالهم ونبل اخلاقهم، لذلك هم يفتشون تحت مياه البحار عن كافر وضال وملحد او مجتهد، حتى يجلدوه ويسلخوه ويعذبوه، فيفوزوا فوزا عظيما!
محنة «القمني» ليست الاولى، فقد سبقه «فرج فودة» مات بسكين صبي ضال مسكين قالوا له اذبح ذلك الكافر تنل الجنة، فذبح دون ان يعرف جناية ضحيته! وكذلك فعلوا مع «نجيب محفوظ» ولكن السكين التي انغرزت في عنقه لم تكن مسنونة بما فيه الكفاية فنجا من الموت، ولكن الامة لم تنج من جرح التكفير والقتل بسبب الكفر!
اذا ساد الغوغاء وحكم الدهماء، فإن على الامة ان تصلي صلاة الغائب على روحها، ولا اعتقد زمنا ساد فيه الغوغاء وحكم فيه الدهماء، مثل زمننا هذا، فهلموا صلوا صلاة الغائب على عقولكم المغيبة يا أمة المسلمين!