حملة السخرية والتهكم والاستعلاء التي أعقبت إعلان وزارة الداخلية استقدام عدد من رجال الشرطة من بنغلاديش لا أرى لها ما يبررها.
فحسب إعلان الوزارة فإن هؤلاء الإخوة البنغال سوف يتم الاستفادة منهم في الاعمال اللوجستية الداخلية ولن يكون لهم تعامل مع الجمهور، أي أنهم سيؤدون أعمالا وظيفية داخلية، الوزارة أدرى بحاجتها إليها.
وأرى أنه حتى لو تمت الاستفادة منهم خارج المكاتب وفي الشوارع وفي تعامل مباشر مع الجمهور، فلا ضير في ذلك وليس فيه ما يشوبه مادامت الحاجة إليهم في ذلك الوجه من الخدمة مطلوبة وتحقق مصلحة عامة.
ولقد سبقتنا بعض دول الجوار في ذلك الأمر، حيث نرى رجل الأمن في الشارع وافدا يؤدي عمله بإتقان وإخلاص.
ولا أدرى أين تكمن غرابة ذلك الأمر ونحن بلد يستقطب ما يقارب مليونين من الوافدين العاملين في مختلف القطاعات، فلماذا حين يتعلق الأمر بالعمل الأمني نستنكر ونستهجن ونسخر، رغم أن الأمن يفوق غيره من القطاعات الخدمية الأخرى من حيث الأهمية للبلاد وللناس.
إن وزارة الداخلية تستحق الشكر والثناء على مثل ذلك القرار الصائب، لأنه سوف يتيح لرجل الأمن الكويتي القيام بعمله الأمني الحقيقي والذي أعد له وتدرب عليه، بدل أن تشغله الوظيفة الادارية وتقضي على مؤهلاته الحقيقية وتقصيه عن دوره العملي في حفظ الأمن في الشارع، وليس داخل المكاتب.
ربما لا يعلم الكثيرون من أولئك المتهكمين الساخرين أن وزارة الداخلية لم تخل يوما من وافدين عسكريين يعملون في قطاعات عدة كمستشارين وغير ذلك، لذلك فإن خطوتها بالاستفادة من العسكريين البنغال ليست بدعة تؤدي إلى ضلالة، بل هي استكمال لنهج سارت عليه الوزارة منذ بدء تأسيسها وحتى قبل تأسيسها وحينما كانت إدارة من إدارات البلاد قبل التحول إلى نظام الوزارات مع فجر الاستقلال.
وفي ظني أن مصدر التهكم هو جنسية أولئك العسكريين لأن أولئك المتهكمين ـ ومع الأسف ـ ينظرون إلى أبناء ذلك البلد نظرة استعلائية غير مبررة.
شكرا يا وزارة الداخلية، ويا أيها المتهكمون كفّوا، فأهل الوزارة أدرى بشئونها لا أنتم.
[email protected]