حتى لا تكون الحقيقة كالطفلة الموءودة، أو الملفوفة بدمها الطري والملقاة على قارعة الطريق، فإني أحشر قلمي في أمر لا يعنيني، أو ربما هكذا يرى البعض ممن سيقرأ السطور اللاحقات.
ولكن لأن الحقيقة تعنيني، لا الموضوع ذاته، فإني أكتب ما أكتب.
في لقاء تلفزيوني، تحدثت السيدة «جنجاه» أخت الفنانة الراحلة سعاد حسني، عن عزمها إصدار كتاب يتناول حياة أختها الراحلة، وكشف الألغاز التي أحاطت بموتها أو «قتلها».
ولست ادس قلمي في شأن موتها، رحمها الله، ولا ما يتصل بحياتها، إلا في أمر واحد، وهو حديثها عن زواج أختها من عبدالحليم حافظ، والذي دعمته بـ «وثيقة» أظهرتها.
أما تفاصيل الزواج، فإنه قد تم عام 1960 وأنه زواج عرفي عقده مأذون شرعي ووقع عليه وبصم «شيخ الأزهر»، وجاء اسم مصر في «الوثيقة» على هذا الشكل «جمهورية مصر العربية» وشاهدا الزواج هما «يوسف وهبي» الفنان المعروف والإعلامي «وجدي الحكيم»، والاثنان راحلان رحمهما الله.
ولي على تلك الوثيقة ملاحظات لا أقطع بصحتها، ولكن نثر الشكوك في قضية قابلة للشك أمر مطلوب.
فالذي أعرفه أن الزواج العرفي لا يقتضي إتمامه عن طريق «مأذون».
ثم ما شأن شيخ الأزهر للتوقيع بل و«البصم» أيضا على «وثيقة زواج» عرفي وسري؟!
والملاحظة الأقوى في التشكيك بتلك الوثيقة، تسمية «مصر» بـ «جمهورية مصر العربية»!
وأبدى كثيرون شكوكهم بذلك، حيث من المعروف أنه في ذلك العام 1960 كان اسم مصر هو «الجمهورية العربية المتحدة»، واستمر هذا الاسم إلى مجيء الرئيس «أنور السادات» كرئيس لمصر عام 1971.
ولم يكن اسم «جمهورية مصر العربية» معروفا قبل ذلك.
وثمة جزئية تخصني في هذه القضية وهي ورود اسم الصديق الراحل «وجدي الحكيم» كشاهد على عقد الزواج، فقد جمعتني به صداقة امتدت على مدى 40 عاما، تعددت فيها اللقاءات والجلسات والمسامرات، و«وجدي» حكّاء جميل وراوية حسن الرواية وكثيرا ما حدثنا عن الفنانين وهو قريب منهم وصديق لبعضهم، ولكنه لم يحدثنا قط عن أمر هذا الزواج، الذي لو صح فهو الأجدر بالرواية، لاسيما أن طرفيه قد رحلا، إذا ما كان القصد كتمان أمر الزواج والمحافظة على سريته.
تلك شكوك أثرتها لا بقصد، سوى احترام الحقيقة، لا غير.
[email protected]