يتساءل الكاتب المصري «أحمد الشهاوي»: لماذا لم يهتم «حسن البنا» مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بالشاعر «حسان بن ثابت» والمكنى بشاعر الرسول، بدل اهتمامه بشاعر عرف بالمجون وولعه بالخمر والنساء حتى لقب من شدة ذاك الولع بـ «صريع الغواني» وهو الشاعر العباسي «مسلم بن الوليد»؟!
وسبب تساؤل «الشهاوي» هو قيام «حسن البنا» في النصف الأول من ثلاثينيات القرن العشرين وبعد سنوات قليلة من تأسيسه جماعة الإخوان المسلمين باصدار كتاب عن «صريع الغواني» وهو أول كتاب عربي عن هذا الشاعر وبات مرجعا لكل من كتب عن «صريع الغواني» بعد ذلك!!
وما لاحظه «الشهاوي» هو انجذاب «البنا» لحياة هذا الشاعر وما يمثله شعره من إفراط في الغزل والتشبب بالنساء ومديح الخمر:
«إن كنت تسقين غير الراح فاسقيني
كأسا ألذ بها من فيك تشفيني»
إن الأمر يبدو غريبا وفي حاجة إلى تفسير، فكيف يوفق مؤسس لجماعة إسلامية باتت فيما بعد هي الأشهر والأكثر امتدادا جغرافيا بين منطلقه الديني واهتمامه بشاعر خمر ونساء ومجون؟! وفي أيهما هو أصدق؟! هل في الدعوة إلى الدين أم في الدعوة إلى مجون الشاعر ولهفه بالنساء؟!
وهل يعلم الإخوان المسلمون الحاليون بأمر هذا الكتاب الذي أصدره مرشدهم ومؤسس جماعتهم؟ وهل يشاركونه ذلك الاهتمام بشعر الخمر والنساء؟!
في رأيي ولست أدافع عن البنا أن تقييم أمر ما لابد من إخضاعه لعدة عوامل، منها مثلا عامل الزمن الذي جرى فيه ذلك الحدث، فربما في ثقافة ذلك الزمن كان مثل هذا الأمر الذي نستغربه الآن عاديا في حينها، مثل أن نرى الآن صورة لفتاة في ستينيات القرن العشرين ترتدي المايكرو جيب فنعيب عليها ذلك، متناسين أن هذا الزي هو السائد في حينها، ولم يكن شاذا أو مقتصرا على شريحة معينة من النساء.
وفي رأيي أن «البنا» وفي بدء طريقه في الحياة العامة كان في فترة تجربة، فأطلق من جهة دعوته الدينية ومن جهة أخرى سار على درب الأدب والشعر، فإن نجح في دربه الديني سار عليه وأتم مشواره، وإن أخفق وفشل، فعنده زاده الأدبي يتغذى عليه.
فليته نجح في الثاني وأخفق في الأول لكنا الآن بخير!
[email protected]