كل صوت سيذهب سدى كالرجاء والمناشدة والنداء والأمل في أن تستيقظ ضمائر المصوتين اليوم لمرشحي مجلس الأمة.
الكل عقد العزم وبيت النية وأصم أذنيه عن كل نداء يبغي خير البلاد ومستقبلها وهدوءها السياسي المنجز.
وكل يرى في مرشحه خيرا ويرى أن مستقبل البلاد رهن بنجاح مرشحه وبلوغه الكرسي البرلماني.
إنها الاصطفافات العصبية المسترسلة المتوالية صوب القبيلة أو الطائفة أو الجماعة أو المذهب، وليست اصطفافات في طريق الديموقراطية ولا هي أيضا في طريق البلاد.
القبيلة تفتت وصارت فخوذا وبطونا، والطائفة تفرقت وصارت طوائف وأعراقا وانتماءات وأصولا، ومن لم يكونوا من هؤلاء ولا أولئك تفتتوا أيضا، وصار هذا يقول لذاك ولدنا أحسن من ولدكم وأحق، وذاك يقول لهذا ولدنا أحسن من ولدكم وأحق.
إننا نحلّق بعيدا وبعيدا جدا عن الديموقراطية، بل أرانا نتوحل «في مرتع وخم» ونغوص في عمق أعماق الفردية والأنانية نازعين الإحساس بالوطن وبالمواطنة.
صارت القبيلة هي المحزم وهي العزوة لما غاب الوطن، وصارت الطائفة هي السور الحامي ولا سور غيرها، وصارت العائلة هي الأم في أذهان أبناء العائلة وقلوبهم.
كل هذا التفتت يجري تحت سماء الديموقراطية ويغتسل بنهرها.
حتى الدين حشروه وأدخلوه تحت غطاء الديموقراطية، فمن يريد أن يقيم الخلافة ويحز الرقاب ويسلخ الجلود ويقطع الأيدي، لا سبيل له سوى الديموقراطية، بعصاها سيمخر البحر ويبلغ المنتهى ليقعد على كرسي الخلافة.
ديمقراطيتنا هذه هي حديث الأوباش وفعل المتكسبين وحرث في أرض سبخة.
نريد بلادنا نريد الكويت ولا نريد ديموقراطية تفتتها وتمزقها، لا نريد ديموقراطية بلا ضمير ولا وطنية، ديموقراطية قائمة على الأنانية والفردية والنرجسية وحب الذات.
كل كويتي محب لبلاده وأهلها، يتمنى أن يصحو ذات يوم ليرى هذه الديموقراطية الكاذبة الملعونة وقد وئدت وهيل عليها التراب، ولا أسف على وأدها.
نريد أن نتعافى من ذلك السرطان الذي استشرى بجسد بلادنا فمزقها وفتتها وجعلها شراذم ومزقا ونتفا.
قست القلوب وتنافرت الأيدي وتباعدت النفوس وتباغضت، والفاعل معلوم لا مجهول.
[email protected]