وقف الشاعر «أبو تمام» في حضرة الخليفة المعتصم مادحاً، حتى وصل إلى بيته القائل:
«إقدامُ عمرو في سماحة حاتم..في حلم أحنف في ذكاء إياس»
وهنا دبت الغيرة في قلب الفيلسوف «الكندي» وكان حاضرا مجلس الخليفة فقال محاولا تحريض الخليفة على الشاعر..وما فعلتَ سوى أنك شبهت أمير المؤمنين بصعاليك العرب.
وهنا أطرق أبو تمام قليلا وارتجل:
«لا تُنكروا ضربي له مَن دونه.. مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره.. مثلاً من المشكاة والنبراس»
تذكرت هذه القصة التاريخية بعدما انتشرت قصة الشاعر السعودي الشاب «حيدر العبدالله» والذي ألقى قصيدة وطنية جميلة أمام ملك بلاده.
ولكن الحاقدين والحاسدين ومشعلي الفتن ومن أكلت قلوبهم نار الغيرة والحسد راحوا يستهزئون ويسخرون وينفثون سمومهم ضد هذا الشاعر الشاب.
وكأنما التاريخ يعيد نفسه، ملك وشاعر وحقود، ثلاثية «أبو تمام» هي ذاتها ثلاثية «حيدر العبدالله» ولكن الفرق بينهما أنه في قصة أبي تمام هناك مستفيد من إيذائه وهو «الكندي» الذي يريد التقرب من الخليفة على حساب الشاعر، ولكن في قصة حيدر ليس من مستفيد أبدا.
حرصت على قراءة قصيدة «حيدر» فوجدت أنها قصيدة رائعة راقية في معانيها متناغمة في مفرداتها مليئة بالمشاعر الوطنية التي يحتاج شاعر كحيدر وبما يمثله من انتماء، إلى إبرازها والتأكيد عليها.
إن الذين استهزأوا بالشاعر ونالوا منه وسخروا، هم ليسوا من صف النقاد ولا الشعراء ولا من العالمين بفنون الشعر أو الكتابة، ولكنهم انطلقوا من مبدأ الاستهانة والتجاوز على حرمات الناس وكراماتها، ما دام ليس هناك من رادع يردع.
اتخذوا من مواقع التواصل الاجتماعي، ساحات لارتكاب جرائم وحشية علنية ضد هذا الشاعر وغيره، وما أكثر السفهاء والصبية والأغرار والجهلاء في تلك المواقع.
ولكن ورغم كل تلك المرارات التي علقت بفمي جراء سب وتجريح الشاعر «حيدر العبدالله» فإن ما أخافني أكثر هو حض أحدهم على قتل الشاعر وقطع رأسه!!
يا له من أمر مخيف ووضع يهدد بالخطورة إذا ما وصلت حدود الكراهية بين الناس إلى هذه الدرجة.
[email protected]