ما كانت الكويت يوما، بلاد أسوار حديدية ولا حتى طينية، سوى الأسوار التي أقيمت حول المدينة لحمايتها كسائر المدن في تلك الأزمنة.
وآخر أسوار مدينة الكويت كان السور الذي بني في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين وتمت إزالته عام 1957مع بدء النهضة الكويتية الحديثة والتطور العمراني الذي شهدته الكويت، ولم يبق من ذلك السور سوى بواباته التي ما زالت قائمة وباتت مجرد ذكرى لحقبة تاريخية مضت.
ولقد قامت الكويت على الانفتاح والمزيج البشري وتناغمه وتعاطيه وفق نسق إنساني كويتي جميل، عشناه في طفولتنا وتفتحت أعيننا عليه.
وكأنما كان هدم السور رمزا لانفتاح الكويت وفتح أبوابها لكل طارق.
وفي طفولتنا كنا في أحيائنا ومدارسنا خليطا بشريا من جنسيات عدة عربية وغير عربية، حتى الفصل الواحد كان يتشكل من عدة جنسيات، وما كنا نحن التلاميذ الكويتيين نحس بما يميزنا عن الطلبة الوافدين، وكان التعامل من قبل المدرسة يساوي بين الكويتيين وغير الكويتيين في جميع الأمور حتى في المأكل والملبس والتطبب وكل ما كانت المدرسة تتعهد به لتلاميذها.
وكذلك في أحيائنا وقبل أن تشيع فكرة السكن في الشقق السكنية، كانت عائلات الوافدين تشاركنا السكن في أحيائنا وفي البيوت العربية كالتي نسكنها نحن، ومن هنا نشأت صداقات وعلاقات إنسانية وصلت حد المصاهرة بين العائلات الكويتية والعائلات الوافدة، وتعرفنا إلى عادات أولئك الوافدين وتعرفوا على طبائعنا وعاداتنا.
وحتى خارج هذا الإطار الضيق كانت المساواة قائمة بين الكويتيين والوافدين في مناح عدة مما تقدمه البلاد من خدمات.
واشتهرت الكويت بهذه الروح الانفتاحية وتقبل الآخر والاندماج معه دونما تحسس أو توجس.
هذه هي الكويت وهذه هي الروح الكويتية، وإن كانت الحكومة في الوقت الراهن تفكر في فرض ضرائب أو زيادة الرسوم على الإخوة الوافدين، كما قرأت فأرجو أن تراعي الأحوال المعيشية للإخوة الوافدين وألا تثقل كواهلهم، وإن كنت على يقين بأن الحكومة حريصة على رفاهية المقيمين وراحتهم وتقدر أوضاعهم المعيشية، وفي الوقت ذاته أرجو من الإخوة الوافدين تقدير الظروف الاقتصادية للبلاد والمرتبطة أساسا بالظروف الاقتصادية العالمية وأن يوقنوا أن الكويت لم تقدم على هذه الخطوة إلا مضطرة وليس للتضييق عليهم.
[email protected]