منذ قرون ونحن نسب من يخالفنا في المعتقد الديني وفي العادات والتقاليد والسلوكيات الإنسانية.
فأهل الغرب كفار زناة زنادقة فاسدون، نساؤهم عراة، ورجالهم بلا نخوة.
وأهل الشرق عبدة أوثان ضالون آثمون.
ونحن الأنقى والأتقى والأطهر والأشرف.
أهل ذلك الغرب الملعونون، وأهل ذاك الشرق المشتومون، أجهدوا حالهم في الدرس والعلم فدرسوا وتعلموا وأنشأوا الصناعات وأقاموا المصانع وابتكروا واكتشفوا واخترعوا وطبّبوا وهندسوا وطاروا وأبحروا.
صنعوا السفن الغواصة والطائرات الطيارة والسيارات السيارة، ووسائل الاتصالات وصغروا خارطة العالم، قربوا البعيد وأدنوا القصي.
وفوق هذا فهم الأسرع في إغاثة الملهوف ومد يد العون لمعوز وإطعام جائع وتأمين خائف وكساء عار.
ورغم طيب فعلهم، فهم ملعونون مدحورون مشتومون، يؤجر لاعنهم ويدخل الجنة طاعنهم.
اكتفينا نحن بسبهم وشتمهم سواء من أفواه المشايخ، أو من أفواه جلاوزة الثقافة والتنظيريين العربان الذين يردون عثرة كل بغلة في الأرض العربية إلى مؤامرة امبريالية صهيونية استعمارية.
ولأننا على باطل وعلى ضلال. والباطل لا عمر له لأنه لا يقوم على حق ولا على مبدأ، فقد انشق صفنا، وصار بعضنا يسب بعضنا الآخر.
صار العربي يسب العربي والمسلم يسب المسلم، ومع بزوغ نجم دول الخليج العربية كقوة عربية ناهضة اقتصاديا وعلميا وسياسيا، تحول العربان إلى سبها وسب أهلها، لا لسبب سوى شهوة السب بدافع الغيرة والحقد والحسد.
ما الذي استفدناه من سب أهل الشرق والغرب من مخالفينا في عقيدتنا وفي عاداتنا وطبائعنا، لا شيء البتة، إذن لماذا مواصلة السب والإيذاء اللفظي والتحقير والتنفير منهم والحض على عدم مخالطتهم والتعامل معهم، رغم أنهم هم سبب هذا الرفاه الذي نعيش فيه.
ما الذي استفدناه وما الذي أضرهم من دعائنا عليهم وتحقيرهم وسبهم، لا شيء، فلا هم تراجعوا ولا تقهقروا ولا انطفأت مصابيحهم ولا احترقت مصانعهم، ولا نحن حللنا محلهم في العلم والصناعة والحداثة.
وما الذي استفاده العرب من خارج المحيط الخليجي، من سب دول الخليج وأهلها، فلا هي افتقرت ولا تسول أهلها ولا غطت الرمال مدنها، بل هي في ازدهار وأهلها بخير.
[email protected]