حصاد ما سمي بالربيع العربي مر مرير وخيبات وانكسارات وتراجعات ودم وانهيارات وندم لحق بشعوب بلاد ذلك الربيع.
كنا على غير ما نحن فيه الآن من حال كئيب، حين قامت تلك الثورات بدءا من تونس، فلقد غمرنا فرح غامر وتفاؤل بانتصار الشعوب على مغتصبي السلطة في بلادها، وكلما سقط حاكم هللنا وفرحنا.
لم يكن مبعث فرحنا وتفاؤلنا شماتة في تلك البلدان أو في شعوبها، بل على العكس من ذلك كان مبعث الفرح حبنا لتلك البلدان وشعوبها، وكنا نرى أنها تعيش في جمهوريات سلطوية ديكتاتورية، تحولت فيها الجمهوريات إلى حكم وراثي دائم وأبدي وهذا مخالف لمبدأ الحكم الجمهوري الذي يتم تداول السلطة فيه ولا يتم احتكارها مثلما حدث في تلك البلدان.
وإلى جانب ذلك فإن حكام تلك البلدان الجمهورية العربية كانوا يستغلون ثروات بلدانهم ويجعلونها من حيازاتهم وأملاكهم الخاصة وكانت بلدانهم تعاني من فقر شديد وسوء خدمات وتسلط وتدن في الأداء العام وغير ذلك الكثير والكثير.
ذلك الواقع السيئ الذي كانت تعيشه تلك البلدان هو الذي جعلنا نفرح لثوراتها التي ستخرجها من ظلمات الديكتاتورية والتسلط والاستغلال إلى نور الحرية والعدالة والسلام النفسي، ولكن مع الأسف حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد ساءت الأمور أكثر وأكثر وسيطر الخوف وانفلتت الأوضاع وساء الواقع الأمني وانتشرت الجريمة وملأ المجرمون الشوارع وخاف الناس وتدنى الاقتصاد وشح الرزق وعادت البلدان القهقرى.
راحت سكرة الثورات وجاءت فكرة الواقع والتأمل بما حدث ولم حدث وكيف حدث.
وعلى عكس ما حدث في بعض البلدان الأوروبية وغير العربية والتي كانت تحت سلطة حكام ديكتاتوريين وثارت عليهم شعوبهم، فقد تغيرت أحوال تلك البلدان الى الأحسن وسريعا ما عرفت طريقها الى الديموقراطية واستقرت أمورها وزادت رفاهيتها وتحسنت اقتصادياتها وخرجت شعوبها إلى الحياة من جديد بعدما طال ارتهانها لحكام تسلطيين ديكتاتوريين دمويين.
لماذا لم تستفد بلدان الربيع العربي من ثورات الربيع الأوروبي وتطبق تجربتها في كيفية الخروج من الحكم التسلطي الشمولي إلى الحكم الجمهوري الحقيقي؟
هل بلدان الربيع العربي في حاجة إلى ثورات جديدة لتقويم الوضع وإنقاذ بلدانها؟!
[email protected]