[email protected]
انتبهت فجأة لجملة نطق بها صديقي، وهي جملة متداولة بيننا نرددها دائما ولكن دون تفكّر بمعناها.
انتبهت إلى خطأ تلك الجملة وعدم صحتها ومخالفتها الواضحة للحقيقة.
تلك الجملة هي جملة «الضرب للحيوان وليس للإنسان»!!
فمنذ بدأنا النطق وعرفنا فنون الكلام وأخذنا في عجن المتداول منه، ونحن نقول باطمئنان وثقة وبضمير مرتاح راحة أهل الكهف في كهفهم «الضرب للحيوان وليس للإنسان» بينما الحقيقة غير ذلك تماما فالضرب للإنسان وليس للحيوان، فالإنسان هو المكلف وهو ذو العقل وذو الارادة وذو البصيرة المتحكم في تصرفه وسلوكياته، لذلك فهو مسؤول عن تصرفاته يمارسها بوعي وإدراك وبتخطيط مسبق وبحبكة يسهر لأجلها الليالي، كي يتم فعلته على الوجه الأكمل سواء كانت تلك الفعلة خيرا أو فعلة شر.
لذلك هو استحق المساءلة والعقاب وتوقيع الجزاء عليه إذا ما أساء أو أخطأ أو أذنب.
أما الحيوان فهو كائن مغلوب على أمره، حُرم نعمة العقل أو بمعنى أدق وأصح حُرم نعمة التعبير عن إرادته، فأصبح غير مسؤول وغير مكلف وبالتالي لا عقوبة عليه لهذا السبب.
إذن الضرب إن وجب هو للإنسان العاقل المكلف المسؤول وليس للحيوان المسلوب الارادة الذي سخره الإنسان على مر الأزمنة لخدمته ومساعدته في مهامه كالتنقل والحمل والحراسة والأكل وغيره.
لقد استهان الإنسان بأكثر الحيوانات وداعة وانقيادا وهو الحمار، فراح يستغله أبشع استغلال بتحميله فوق طاقته وبإيذائه وضربه ضربا مبرحا إذا ما عجز عن حمل ما هو فوق طاقته وما لا تستطيع قواه حمله.
الحمار في هذه الحالة لم يعص أمرا ولم يستنكر ولم يستنكف، بل إنه ثبت عجزه، ولا ذنب له في ذلك، فلماذا يقوم صاحبه بضربه مجبرا إياه على تحمل وحمل ما ليس باستطاعته؟
لذلك فإن الشرائع والقوانين جاءت بالنصوص على عقوبة الانسان وليس الحيوان لإدراكها تلك الحقيقة وهي أن الانسان مكلف وان الحيوان غير مكلف.
فلا بد لنا إذن من مراجعة كثير مما نردد من آراء وجمل خاطئة ولا تستقيم مع الحقيقة، ولنبدأ بالقول «الضرب للإنسان لا للحيوان»!!