مثلما كتبت في مقالي الأخير عن جملة نرددها واعتبرتها جملة خاطئة، وهي جملة «الضرب للحيوان لا للإنسان» أكتب اليوم أيضا عن بعض ما نردده من كلام متوارث دون أن نتنبه لخطئه.
نقول وبكل ثقة وبشكل يومي تقريبا: «أصبحنا وأصبح الملك لله» ونعتبرها من باب الزلفى إلى الله والتقرب إليه، ولكن لو فكرنا قليلا في قولنا هذا لتراجعنا عنه على الفور بعدما نكتشف الخطأ الذي تنطوي عليه هذه العبارة.
إن الملك لله «دائم» وأزلي وأبدي، لذلك لا يجوز أن نقول: «أصبح» ونربطه بصباحنا وباستيقاظنا من نومنا، والصحيح أن نقول: «أصبحنا والملك لله» فنحن كبشر ننام ونصحو ونسير ونعلو ونهبط ونشرق ونغرب ونذهب ونجيء، «والملك لله» ولا يجوز إطلاقا ربط «ملك الله» بصباحنا وساعة استيقاظنا، فـ «الملك لله» أبدا ودوما ملك أزلي لا يتزعزع ولا يرتبط بصباحاتنا ولا أماسينا.
وحينما كنت أعمل مذيعا في الإذاعة نبهنا أحد الأشخاص المتأملين في دقة العبارات إلى خطأ جملة «مثواه الأخير» والمعني بها دفن الميت في قبره، وهي كما قال عبارة غير صحيحة لأنه في عقيدتنا كأصحاب ديانات، أن المثوى الأخير للإنسان هو إما الجنة وإما النار وليس القبر، وما القبر إلا مثوى مؤقتا.
ونقول أيضا في باب المواساة لأهل المتوفى: «لا أراكم الله مكروها في عزيز» أو «جعلها الله آخر الأحزان»، ولو دققنا جيدا في العبارة لرأينا أنها تنطوي على معنى سيئ بل ربما هي تحمل دعاء بالسوء على من نقولها له، فأن تكون وفاة هذا العزيز آخر أحزانك، فهذا يعني أنك لن تحزن على متوفى آخر، وكأننا ندعو عليه بقصر العمر بحيث لا يعيش حزنا آخر على متوفى آخر.
لا شك أن الكثير مما نردد من عبارات هي في حاجة إلى تمحيص وتدقيق ومراجعة فمنها ما يتعين علينا تعديله ومنها ما يجب حذفه وعدم ترديده لكونها تنطوي على أخطاء واضحة.
أقول هذا رغم إيماني بأن الخطأ في القول يهون ويصغر أمام الخطأ في الفعل، وما أكثر أخطاءنا في أفعالنا، وتلك هي مصيبتنا.
[email protected]