[email protected]
لم يعرف العالم الإسلامي الفرقة المذهبية قبل مجيء «الخميني» إلى إيران عام 1979. حيث أعلن الخميني إيران جمهورية إسلامية قائمة على المذهب الشيعي، ورغم هذا فقد حصد تأييد كثيرين من السنة الذين لم يلتفتوا إلى المذهب أو الطائفة بقدر ما كانوا مأخوذين بأسطورة ثورة شعبية عارمة تابعها العالم على مدى ما يقرب من عامين وأقصت حاكما كان ينظر له على أنه حاكم متعال طاغٍ مستبد.
الذين التفوا حول الخميني وباركوا ثورته واندسوا تحت عباءته كانوا من جميع الأطياف الفكرية والسياسية ولم يقتصروا على الإسلاميين الشيعة أو المتشددين مذهبيا.
وربما أن هذا التأييد العارم الكاسح هو الذي ربى الغرور في نفس الخميني فظن أنه سيد العالم والحاكم الذي سيخضع جميع الناس لإمرته، فبدأ بـ «تصدير الثورة» بادئا بدول الخليج العربية، وكان أوضحها في الكويت وما عرف حينها بـ «مسجد شعبان» والذي جذب ما كان يجري فيه، العديد من النخب السياسية الكويتية التي نحت المذهبية جانبا ولم يدر في خلدها أن القصد مما كان يجري في «مسجد شعبان» هو تصدير لثورة إيرانية شيعية.
انكشف وجه الثورة الإيرانية وسقط القناع واتضح أنها ليست ثورة ضد حاكم طاغٍ ظالم ولكنها وجه آخر للحكم الاستبدادي بصيغة دينية.
ومنذ ذلك العام لم يستقر العالم الإسلامي ولم يهدأ وابتدأ يعرف الفتن المذهبية والتي أججتها الحرب العراقية ـ الإيرانية التي قسمت العالم الإسلامي إلى فريقين «سنة» و«شيعة»، ورغم مذهبية أو ما كان يظن أنه مذهبية الحرب فإن كثيرا من السنة كانوا في صف إيران الشيعية لأنهم ما زالوا واقعين تحت التأثير الخميني ولم يكونوا يلتفتون للمذهب أبدا، كما أن أغلب المقاتلين العراقيين ضد إيران هم من الشيعة.
إن محاولة الخميني زرع المذهبية لم تنجح أبدا حيث كان مثل ذلك الطرح المذهبي مرفوضا من قبل الإيرانيين قبل غيرهم، ولعل أعظم تجلياته تمثلت في الهروب الخطير لأول رئيس لجمهورية الخميني «أبي الحسن بني صدر» ومعه «مسعود رجوي» زعيم منظمة مجاهدي خلق التي كانت الرافعة الحقيقية للثورة الإيرانية.
وما لم يستطع الخميني تحقيقه جاء من يحققه فيما بعد.