[email protected]
نرى في حياتنا كثيرا من الناس سواء أكانوا أقارب أم معارف أم أصدقاء أم زملاء، يتصفون بصفة أراها من وجهة نظري سيئة بل وغاية في السوء، ولكنها مع الأسف ليست كذلك لدى كثيرين من الناس ولم تستوقفهم مجرد استيقاف، ناهيك عن استهجانها أو رفضها.
تلك الصفة التي هي المقاطعة الفجائية للمتحدث، وقطع الحديث عليه أثناء حديثه وقبل أن يتم جملة عالقة على لسانه.
وتلك صفة مرذولة ولها دلالات عدة جميعها سلبية، فهي من ناحية تدل على عدم الاحترام للمتحدث الذي تتم مقاطعته، لأن حديث الإنسان جزء منه ومن شخصيته، فإن أهان أحد حديثه ولم يحترمه فكأنما أهانه هو بأكمله.
ومن ناحية ثانية هي دليل قصور في الفهم عند من يقاطع في الحديث، فهو لم يكن يستوعب الحديث المطروح أساسا، لذلك تجيء مقاطعته مفاجئة وخارج سياق الحديث المطروح، ما يدل على أنه لم يكن يفهم ما يسمع.
وكذلك فإن من يلجأون إلى هذا الأسلوب في مقاطعة الآخرين، هم لا يملكون القدرة على الاستماع والانصات والاستيعاب وتراهم أثناء الحديث يسرحون ويشردون بعيدا ويجيلون أعينهم في المكان تهربا من رؤية المتكلم.
لا أدعي أن هذا مرض له توصيفات وعلاجات، ولكن هي كما قلت عادة مرذولة لدى الضعفاء ومحدودي العقل من الناس.
وعلى رغم سلبية المقاطعة وتسببها في ضياع كثير من الحقائق والأفكار التي لم يتمكن المتحدث من الإدلاء بها أو شرحها، فإنها ومع كامل الأسف انتقلت إلى أجهزة الإعلام التلفزيوني والإذاعي والتي غزتها جيوش من البكم والصم والقاصرين والقاصرات ممن لم يؤتهم الله نعمة الفهم والعلم والإدراك، فتراهم يقاطعون المتحدث بصورة فجة خالية من الأدب وتدل على عدم إنصاتهم للمتحدث وعدم قدرتهم على استيعاب ما يقول، بينما المشاهدون مشدودون ومنتبهون لحديثه فيتدخل هذا المعتوه المسمى زورا مذيعا أو محاورا ليقطع على المستمعين والمشاهدين متعة الاستماع ويحرمهم من إكمال سماع رأي المتحدث، لاسيما أن المتحدث في منتصف فكرته ولم يتمها بعد والمشاهدون في شغف لإتمام حديثه.
الاستماع فن لا يجيده إلا ذوو العقول الراجحة والهمم العالية.