الصين حضارة ضاربة في القدم، تعود إلى ستة آلاف عام، ومساحة شاسعة تقترب من عشرة ملايين كيلومتر مربع، وسكان يقتربون من المليار ونصف المليار إنسان.
و«الهند» لا تقل عن الصين في كثير مما قدمته للبشرية على مر التاريخ، وكذلك تقترب منها في بعض التفاصيل وبالذات عدد السكان.
سقت هذين البلدين العظيمين كمثل على الحكمة والوعي والواقعية، لأقارن بعدها واقع ذينك البلدين مع واقع البلاد العربية.
يسيطر العنصر البشري الصيني على معظم دول شرق آسيا، وهو المؤسس لها، ومعظمها دول ناجحة ومنتجة وفيها ثروات ضخمة.
والهند توزعت إلى ثلاث دول «الهند وباكستان وبنغلاديش» وربما أكثر من ذلك إذا ما أرجعنا الأمر إلى العنصر البشري الهندي الذي أسس في القارة الآسيوية دولا أخرى.
ورغم هذا لم نسمع صينيا واحدا يتحسر على حال أمته «الصينية» التي «تكسرت وتفتتت»، وعلى ضياع الهوية القومية الصينية، ولم ينع شاعر صيني أمته التي تآمر عليها المتآمرون ففككوها ودمروها وجعلوها شيعا وفرقا متناثرة متناحرة.
لم يغن مغن صيني «وطني حبيبي الوطن الأكبر»، ولكننا نحن العرب فعلنا ذلك ونفعله ومصرون على فعله حتى يرث الله الأرض وما عليها.
والهند كالصين أيضا والهنود كالصينيين لم يتحسروا ولم يبكوا ولم يخترعوا تواريخ وقصصا وخرافات ليبكوا عليها كما فعلنا ونفعل نحن العرب.
لم يلعنوا الاستعمار الذي فرقهم وفك لحمتهم وفكك بلادهم، ولم يبيتوا في صدورهم ثأرا له ولم ينتقموا بأثر رجعي لأفعال مضى عليها قرن وأكثر، كما فعلنا ونفعل وسنبقى نفعل نحن العرب.
لأنهم لم يفعلوا ذلك صاروا على ما هم عليه الآن، دولا غنية صناعية منتجة تشكل رقما مهما في الخارطة الإنسانية وفي الاقتصاد العالمي، بينما حالنا نحن العرب بؤس ويأس ومأساة.
لو بقي الصينيون حيث هم ولم ينتشروا في أصقاعهم القريبة، لما صارت الصين معجزة اليوم، ولو أن الهند لم تتقسم لما كانت هي الهند اليوم.
أرى أن وضعنا نحن العرب، يشبه وضع مجموعة من الناس مصرين على ركوب المصعد في وقت واحد ومتجاوزين حمولته المقررة، والنتيجة أن المصعد لا يتحرك بسبب زيادة الحمولة، وإصرارنا على أننا أمة واحدة هو كحال تلك المجموعة التي تريد ركوب المصعد في وقت واحد.
[email protected]