تعرض الكاتب والباحث والمفكر المصري «يوسف زيدان» إلى حملة من السباب والإهانة والتصغير والتحقير وذلك لأنه ذكر بعض ما قالته المصادر التاريخية والمؤرخون عن «صلاح الدين الأيوبي» وكان ما قيل صادما لما خزنته الذاكرة العربية والإسلامية عن صلاح الدين الأيوبي.
يوسف زيدان لم يعش عصر صلاح الدين ولم يجالسه ولم يخالطه ولم يسمع له خطبة ولم يره قط، ولكن الذين عاصروا صلاح الدين وتتبعوا أفعاله وقراراته هم الذين كتبوا ووصفوا وصنفوا، وما يوسف زيدان إلا باحث ودارس وقارئ ومتتبع وتلك هي وظيفته.
إذن هو لم يصنف صلاح الدين تصنيفه الشخصي ولم يدل برأيه بالرجل، ولكن كل ما فعله أن أوصل إلينا تصنيف المؤرخين وتوصيفهم لهذه الشخصية التي استقرت في أذهاننا على أنها شخصية أسطورية وتكاد تصل حد التقديس لدى البعض.
باعتقادي أن تكبير حجم صلاح الدين سببه مذهبي حيث إنه هو السبب في إنهاء الحكم الفاطمي «الشيعي» في مصر لذلك تم تضخيم صورته ومكانته وترسيمه بطلا أسطوريا في أذهان السنة، ولم يلتفتوا إلى الأفعال التي حقق بها هذا الأمر ولم يكبروا العدسة لإظهار بقية أفعاله، بل ركزوا فقط على أضيق ما تحمله الصورة.
وهؤلاء أنفسهم يرون أنه محرر القدس من الصليبيين لذلك هو استحق هذه المكانة ولهذا هو يستدعى في كل نائبة ومصيبة تصيب القدس، رغم أن زيدان يقول وحسب المصادر التاريخية أيضا ولم يأت بالكلام من عندياته، إن القدس تحررت بالصلح والاتفاق لا بالحرب.
لست بصدد تسليط الضوء على الجانب السلبي من شخصية صلاح الدين، ولكنما أعرب عن صدمتي من الذين يستسهلون إهانة الناس وتجريحهم دونما سبب، ويوسف زيدان وغيره من الباحثين يستحقون الشكر لأنهم بحثوا وتعبوا ليأتوا لنا بما لم نكن نعرفه، فكيف يتعرضون للسب والتجريح بدل الشكر والثناء، إنهم يغسلون عقولنا مما علق بها من غبار الكذب والتزييف والتلفيق.
جل الذين عرفوا صلاح الدين ودافعوا عنه هم عرفوه من خلال فيلم «الناصر صلاح الدين» الذي قدمته المرحلة الناصرية أوائل الستينيات وهو فيلم مهترئ ساقط تاريخيا ولا يمثل حقيقة صلاح الدين ولكن أريد له أن يمثل سيد تلك المرحلة التي أنتج فيها.
[email protected]