قاومت كثيرا الكتابة في أسخن حدث سياسي عاشته منطقتنا الخليجية خلال العشرين عاما الأخيرة، وهو قطع العلاقات الديبلوماسية السعودية والإماراتية والبحرينية والمصرية مع قطر وما رافقها من إجراءات أخرى.
ولكن مقاومتي انهارت بعدما قرأت ما يكتبه البعض بمداد السم والحقد الأسود الدفين في قلوب محشوة بالكراهية الفاسدة القاتلة.
في مأثورنا القديم حكمة خالدة تقول «قل خيرا أو فاصمت» فإن لم يكن فيما تقوله خير فالزم الصمت تثب، يرحمك الله. ولكن هذه الحكمة التي نرددها كثيرا لا يتمثل بها كثير ممن يرددونها، فهم ينتظرون شرارة تقدح هنا وبالذات في خليجنا حتى يتكرموا عليها بكثير من الزيت والحطب لتتقد نارا، ولكن هذه النار ستحرقهم هم وتأكلهم هم ولا ندعو على ديارهم بل ندعو لها ولهم بالسلامة والنجاة من نار الدنيا قبل نار الآخرة.
في الأزمات المغلقة الأبواب والنوافذ والتي لا تسمح برؤية بصيص من نور الحل، يقف المرء الخيّر عاجزا مكتفيا بالتمنيات الطيبة بجلاء الأمور وانقشاع الغمة وانهمار مزن المحبة والسلام، أما الشرير الحاقد المبطون شرا وكراهية فيجدها فرصة لإشعال النار والتأجيج وبخ سمومه، رغم أنه غير مستفيد ولن يعود عليه الأمر بأدنى فائدة ولكن كل فائدته تكمن في نشر إساءته وإثارته النعرات وبث حقاراته وسفالته.
نحن آسفون وشديدو الأسف لما جرى بين قطر وشقيقاتها، ودهاليز السياسة مظلمة وملتوية ودروبها وعرة يحيطها الخطر من جميع جوانبها، وعلينا نحن جمهور النظارة والمشاهدين عدم التدخل بفجاجة ووقاحة مدفوعين بجهلنا أو توهمنا بأننا مدركون لما يجري وأننا عالمون ببواطن الأمور، فندلي بدلائنا في البئر الخطأ فنغرف آسنا مرا.
لست من أهل السياسة ولا من محبيها ولا حتى من متابعيها، وأنا على يقين بأن معظم أولئك الذين يدسون أنوفهم في المشاكل والقضايا السياسية مثلي في ابتعادهم عن السياسة ولكنهم مع الأسف يخوضون غمارها خوض العارف المتمكن الذي لا يشق له غبار.
نرجو ألا تشكل هذه الأزمة فرصة للمصطادين بالماء العكر والمتحينين الفرص، سواء من دول أو شخصيات فيتدخلوا بشؤوننا ويولدوا الفرقة بيننا.
[email protected]