[email protected]
تعودنا في الكويت على تهويل الأمور وتكبيرها والنظر إليها نظرة لا تعكس واقعها ولا تدل على حقيقتها وبصورة مبالغ فيها جدا. وربما يعود هذا إلى صغر المجتمع وتقارب الناس فيه وتشابه الطبائع بين أفراده.
من دلائل ما أقول هو ما يعيشه مجتمعنا منذ انتشار أخبار تواري بعض المحكومين في قضية «خلية العبدلي» عن الأنظار، وما رافق تلك الأخبار من تفاعلات حادة وغاضبة، موجهة في معظمها إلى الحكومة، وذلك أمر طبيعي، لأن المجتمعات أمانة في أيدي الحكومات وأي تقصير من الحكومة يصيب المجتمع بالضرر النفسي والمادي أيضا.
وليت الأمر اقتصر على غضب الناس من الحكومة، ولكن بعض الغضب طاش فأصاب أفرادا وأطرافا لا علاقة لهم بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد، بل هم مواطنون ناقمون على «الخلية» وأفرادها، ورافضون لما كانت تخطط له تلك الخلية ضد بلدهم الكويت، وأعني بهؤلاء إخوتنا من الشيعة الكويتيين الذين ارتجفت قلوبهم الكويتية على وطنهم وهم يسمعون أخبار الخلية الخبيثة ويرون ما خزنت من أسلحة لالحاق الأذى ببلدهم.
كون أفراد خلية العبدلي ينتمون إلى المذهب الشيعي، فهذا لا يعني أن مذهبهم هو الذي أمرهم بالتخطيط لإنشاء هذه الخلية وتكديس الأسلحة لإلحاق الأذى بالكويت وناسها من كل دين ومذهب وملة دون تفريق ودون انتقائية للضحايا وفرزهم مذهبيا، ولكن أولئك الأفراد هم مسيسون ومنظمون تنظيما سياسيا لا مذهبيا، وما المذهب إلا وسيلة للضغط والإملاء وغسل العقول، استغلها من جند أولئك الأفراد للسيطرة عليهم.
وفي المقابل نجد الأمر نفسه في المكون السني أيضا والذي تشكلت منه منظمات إرهابية عدة أوضحها وأشدها خطرا «داعش» وتلك كلها تنظيمات سياسية بغطاء مذهبي فلا تلك التنظيمات الشيعية تمثل الشيعة ولا تلك التنظيمات السنية تمثل السنة.
ويجب علينا جميعا كمواطنين من كلتا الطائفتين السنية والشيعية ألا نتعامل بريبة وحساسية وشك مع الطائفة التي يقوم فرد منها أو جماعة بعمل إجرامي، وألا نحسبه على الطائفة أو أنه يمثل فكر الطائفة.
في كل الطوائف والأديان والمذاهب أفراد يتجاوزون واقعهم الوطني من أجل بلوغ أهداف عقائدية.
إن ما يتعين علينا فعله في الملمات والأزمات التي تتعرض لها بلادنا هو التقارب والتداني لا التباعد والتجافي.