[email protected]
تختلف المنظومات القيمية والأخلاقية من مجتمع إلى آخر، وليس هناك مسطرة قيمية أو أخلاقية واحدة تعتمدها جميع المجتمعات.
هناك تباينات واضحة واختلافات في تلك القيم والأخلاق والمسموح والممنوع، وما يتفق مع الأخلاق والقيم في هذا المجتمع وما يتعارض معها، وبين مجتمع آخر لم يقم منظومته القيمية والأخلاقية على المعايير نفسها.
نحن كعرب ومسلمين أقمنا منظومتنا القيمية والأخلاقية على قوائم وأسس دينية وربطنا قيمنا وأخلاقنا بالدين الإسلامي، وذلك أمر لا شك جيد وقيم لأن القوائم الدينية متينة وصلبة إلى جانب ما فيها من أمور روحانية، ولكن لا بد من الحرص الشديد على الالتزام الدقيق بها كونها منطلقة من منبع ديني والخروج عليها أو مخالفتها تعتبر مخالفة دينية.
وهنا تكمن خطورة ربط القيم والأخلاق وهي عوامل متحركة لا ثابتة بعامل ثابت وهو الدين.
إن حصر القيم والأخلاق داخل الحدود الدينية وتقييدها بالعامل الديني تقييدا تاما، أمر مستحيل يصادم حركة الحياة والمستجدات والمستحدثات فيها والتي تستلزم قيما جديدة من أجل التعايش الصحي والسليم مع تلك المستحدثات والمستجدات.
المجتمعات أو الأمم التي لم ترتهن في قيمها وأخلاقها للدين هي أكثر قدرة على استنباط قوانين وأنظمة لصياغة حياتها وتطويرها، من تلك المجتمعات التي ربطت قيمها بالدين وصار صعبا عليها إيجاد صيغ خارج الإطار الديني وإن اضطرت إلى ذلك فيكون خروجها محدودا جدا والناتج عنه لا يحقق القصد منه.
نحن مثلا فيما نفعل من خير ننطلق من منطلق ديني وهدفنا منه رضى الرب والفوز بالجنة، ولم يكن منطلقنا إنسانيا نقصد من ورائه رفاهية الإنسان، وذلك ليس بالأمر السيئ بل وعلى العكس فإنه يظهر الجانب الأخلاقي والوجه الإنساني للدين، ولكنه في الوقت نفسه يقيد فعل الخير ولا يتركه مطلقا وعائدا إلى رغبة فاعلة.
ولكن ثمة نقائص وسلوكيات يجرمها الدين مثل الكذب والنميمة واستغلال الآخرين والتكسب والتربح وكثير غيرها لا نلتفت إليها ولا تمثل عندنا خطيئة كبرى، لذلك فإننا نجد أكثر تلك الخصال الرديئة موجودة لدى الممسكين بالقيادة الدينية في مجتمعاتهم وهم الذين يسمون برجال الدين.
وهذه مفارقة عجيبة جعلت من رجل الدين فوق القانون وصوته أعلى من صوت العدل والحق.