أرثي والرثاء علقم مرير، والكلمات فيه جمرات في الحلقوم.
أرثي ضحكة ماتت على فم وطن، لا رجلا مات على سرير أبيض بارد الغربة.
إذ أرثي عبدالحسين عبدالرضا، فأنا لا أرثي ميتا جمعنا درب واحد تعددت مساراته وسرنا عليه في زمن متقارب.
أرثي وطنيته وكويتيته وفنه وضحكته وروحه الخلاقة التواقة إلى الأجمل والأرقى والأنقى.
كانت إذاعة الكويت في ستينيات القرن الماضي نافذة نور طللنا منها كل من زاويته، وكنا نتعارف ونتزامل مهما تعددت مجالات عطاءاتنا.
كنا نزرع في حقول وطننا، كنا ناشئين وكان كل شيء في الكويت حينها ناشئا.
كنا بيارق في فضاءات بلدنا.
وكان عبدالحسين عبدالرضا بيرقا بتزويقات وترنيمات وتنميقات خاصة.
كان ذاكرة كويتية تخزن ما ترى وما تسمع، ولم يكن مجرد ممثل مجيد يأتي ميدان العمل في ساعة محددة ويغادره بعدما يصيح المخرج «ستوب»!
بل كان فنه مخدة يتوسدها أو «بشتا» يتدثر به زينة أو دفئا وعكازه فوق الأرض.
هو كل صغيرة وكبيرة وكل تفصيلة تظهر على الشاشة أو المسرح، هو في الديكور وفي الإضاءة والصوت، وهو يد مع المخرج ومع المؤلف يد.
ذو بصيرة فنية ثاقبة ودقيق الملاحظة، لم يكن يعنى بدوره هو فقط، ولكنه يولي أدوار زملائه وحتى الكومبارس الأهمية ذاتها التي يوليها لدوره.
هو الذي أوجد شكلا مسرحيا جديدا، ففي بدء الستينيات ومع تنظيم العمل المسرحي والفني، أنشأت الدولة أربعة مسارح هي العربي والشعبي والكويتي والخليج، وكان لكل مسرح خارطته الفنية الخاصة به، وكان عبدالحسين منتميا إلى المسرح العربي الذي كان يضم نجوم الصف الأول كسعد الفرج وخالد النفيسي وغانم الصالح، وقدموا العديد من المسرحيات التي أسست للمسرح الكويتي وصارت من علاماته البارزة.
ورغم ذلك النجاح للمسرح العربي ولعبدالحسين وزملائه فإن روحه التواقة لم ترض أن تنحصر في مجال كان يراه هو ضيقا، فطفق يبحث عن عالم أوسع وبحر أعمق، فاستقل بنفسه وأسس مسرحه الخاص، وابتدأ مذاك إبداعه الخاص ودخل ملكوته وأشعل نفسه نجمة في سماء الفن الكويتي.
ولن تنطفئ هذه النجمة بموتك، يا خالدا في ذاكرة الكويت.
[email protected]