في عام 1956 أوفدت دائرة المطبوعات والنشر الكويتية عددا من الشبان الكويتيين إلى القاهرة لتدريبهم على شؤون الطباعة وللعمل بعد ذلك في مطبعة الحكومة.
وأثناء وجود أولئك الشبان الكويتيين في القاهرة قامت الحرب التي شنتها بريطانيا وفرنسا ضد مصر بسبب قيام الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، والتي عرفت بـ «العدوان الثلاثي» على اعتبار أن إسرائيل أيضا كانت مشاركة في تلك الحرب.
وكما هي العادة، فإن نشوب الحرب يستدعي فتح مراكز للتطوع والتدريب العسكري من أجل حماية الجبهة الداخلية وتوفير الأمن المناطقي، وإذا ما استدعت الحاجة فربما يلتحق المتدربون بالجيش على الجبهة.
ولما سمع الشبان الكويتيون نداءات التطوع لم يتأخروا عن الالتحاق بمراكز التدريب وحمل السلاح دفاعا عن مصر، فاتجهوا إلى مراكز التطوع وتدربوا على حمل السلاح وفنون القتال والدفاع.
أجيء بكل ذلك من أجل أمر واحد لا ثاني له، فلم يكن القصد التفاخر والتباهي بفتية من أبناء بلدي، ولا باستعادة صفحات كويتية مشرقة، بل القصد بعيد عن ذينك تماما.
إن القصد من إيرادي هذه الوقائع هو لكون فناننا الراحل «عبدالحسين عبدالرضا» واحدا من أولئك الشبان الذين حملوا السلاح دفاعا عن مصر، وهو فتى آنذاك دون العشرين من عمره.
وأبرز اسم عبدالحسين عبدالرضا حصرا، ردا على من شكك بعروبة عبدالحسين وحسه القومي العربي والوطني الكويتي.
لم يتباطأ ولم يتوانَ حين سمع داعي الجهاد، بل أسرع في التلبية وربما كان أول الملبين ونسي وصحبه الواجب الذي جاؤوا من أجله، وهو تعلم فنون الطباعة، ونذروا أنفسهم فداء مصر أرض العرب والعروبة والصوت العربي الطاغي آنذاك، والذي تهفو إليه قلوب العرب أجمعهم من محيطهم إلى خليجهم.
لم يستثن عبدالحسين نفسه من تلك الملايين الهادرة، ولم ينكص أو يتوار أو يتحجج بأنه جاء للدراسة لا للحرب، وأن مصر في غنى عنه وعن صحبه الأغرار، بل صاح هو وصحبه «لبيك يا مصر لبيك يا عروبة».
ما أغنى الراحل عبدالحسين عن هذه الصفحة من حياته، وحياته كلها صفحات متلألئة ومماثلة لهذه الصفحة، ولكنني أوردتها لأخرس بها ألسن المتطاولين والمشككين بعروبة عبدالحسين، رحمه الله.
[email protected]