شاب زمن ونام، والأزمنة تشيب وتنام.
ويحييها ويشببها ويوقظها من سباتها العتيق، من عظمت قدراتهم وتجلت مواهبهم وسمت مع الزمن هاماتهم.
«مذكرات بحار» عمل خالد منذ ولادته على ورق كان طوع بنان شاعره الفذ الراحل محمد الفايز.
ملحمة من تلك الملاحم التي نسمع عنها في التاريخ، سيحملها التاريخ ولن يطويها سيفرد صفحاتها وينشرها وستتعاقب أجيال وأجيال تتذاكر تلك الملحمة «مذكرات بحار».
في أول صدورها أواسط الستينيات الماضية تولاها الإذاعي الراحل «جاسم شهاب» ليقدمها على شكل حلقات إذاعية متسلسلة بأداء شاعري عذب مصحوب بالموسيقى.
والتفت إليها الفنان السينمائي «عبدالله المحيلان» ليجعل بعضا من أشعارها عملا سينمائيا بثه تلفزيون الكويت قبل زمن التلوين.
ولقد بلغ هذا العمل الرائع الرائد قمته حينما تولته وزارة التربية لتقدمه في أحد احتفالاتها في العيد الوطني كعمل مسرحي غنائي، تولاه ألحانا الرائع الكبير «غنام الديكان» وغناء الصوت المبدع «شادي الخليج» والصوت الذي يحمل عفوية الروح الكويتية صوت «سناء الخراز»، مع مشاركة فتيات المدارس وفتيتها.
وكذلك تصدى لها المخرج الرائع «محمد السنعوسي» ليخرجها للتلفزيون وكان عملا باذخ الروعة والجمال.
وتجيء إعادة عرض «مذكرات بحار» الأسبوع الفائت بصوت شادي الخليج ونخبة من الفنانين الشبان وبإخراج فني جديد وعلى يد المخرج «يعرب بورحمة» لأجل تأكيد خلودها وروعتها ولإعطاء الجيل الشاب دفقات جديدة تنشطه، وللاستفادة من الطاقات الشابة.
وأحترم الذين نظروا إلى إعادة عرض «مذكرات بحار» نظرة سلبية واعتبروه نوعا من الإفلاس الفني وانسحابا إلى الماضي بدل الابتكار والتجديد.
رأي تنقصه الدقة والموضوعية لأن الأعمال الخالدة والجميلة لابد من تنشيطها وتجديدها من خلال إعادتها وتكراراها كل فترة من الزمن مع إدخال العناصر الجديدة عليها. وهذا ما تفعله جميع دول العالم المتقدم مثل السيمفونيات والتي ما زالت تقدم على المسارح رغم مضي عدة قرون على تأليفها، تعاد بأسلوب جديد يناسب الذائقة الآنية للناس، ولم يتهمهم أحد بالإفلاس والنكوص إلى الماضي.
وإني لأشكر جميع الذين ساهموا في هذا العمل الخالد، وأتمنى التفتيش في ماضينا الفني ففيه من الكنوز الكثير.
[email protected]