لست من المولعين بغناء المغني العراقي «كاظم الساهر» ولا بسماع صوته، ولا أعرف من أغانيه سوى واحدة ربما هي أولى أغنياته «عبرت الشط على مودك» فقط لا غير.
بل كنت في فترات من عمري كارها له ولغنائه، وأذكر مرة وفي إحدى سنوات ما بعد تحرير الكويت ربما سنة 1992 أو 1993 وكنت حينها مقيما في القاهرة وبينما كنت في سيارتي، أدار السائق المسجل بإحدى الأغنيات سألته: من هذا المغني؟ فقال لي اسما لم أستطع تبيانه إلا بعد تكراره بسبب طريقة نطقه للاسم، حتى تبين لي أنه يقول «كاظم الساهر» فما كان مني وتلقائيا ودونما تفكير إلا أن أخرجت الشريط وألقيته في الشارع والسيارة تمشي، فاستغرب السائق من ردة فعلي وهو الذي لا يعرف من المغني سوى أنه مغن منتشر حينها وله جمهور من السامعين المصريين، وعاتبت السائق بشدة على أن يضع في سيارتي شريطا لمغن ينتمي إلى بلد احتل بلدي ودمره وقتل من قتل وأسر من أسر، وكنا حينها مازلنا أسرى جراح الغزو ويجرح آذاننا أنين الأسرى والمعذبين.
أسوق تلك المقدمة بعدما شاعت أخبار عن دعوة «كاظم الساهر» للغناء في الكويت، والعاصفة التي أثارها هذا الخبر، ورفض البعض لغناء الساهر في الكويت.
واستند الرافضون في رفضهم إلى أن الساهر قد غنى تمجيدا في صدام، وبما أن صدام احتل الكويت وهو عدونا فإن كل من والاه وأحبه وامتدحه هو بالتبعية عدو لنا.
لقد غاب عن تلك الفئة الحاملة لهذا الرأي أن كثيرا من الكويتيين آزروا صدام وأحبوه وامتدحوه، في ظروف معينة وقبل غزو بلادهم، وإن كان الساهر غنى ممتدحا صدام حسين فعلينا ألا ننسى أنه مواطن عراقي لا يستطيع أن يغرد خارج السرب الصدامي الذي ضم الجميع ولم يتأخر عن الانضمام إليه أحد من المطربين العراقيين المتواجدين داخل العراق وربما حتى من هم خارجها.
ومن هذا المنطلق أرى أن دعوة كاظم الساهر للغناء في الكويت يجب أن ننحيها عن ذلك الماضي السياسي المأساوي والذي لم يكن الساهر أحد فاعليه أو المصفقين له.
[email protected]