لسنا في حاجة لمن يؤكد لنا أن الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد منذ سنوات، ستفتت كيانات الدولة وتضعفها، وستعمل على هدم هيبتها، وبالتالي تعميم السقوط وتواليه ليشمل مكونات البلاد كلها، وسيؤدي ذلك الى خلق كيانات وتجمعات ومراكز قوى، خارج الاطار الرسمي.
هذا يحدث في لبنان، وكان نتيجة ظروف مشابهة للظروف التي تحياها بلادنا، حيث صارت الكلمة الأقوى هناك، لتلك القوى التي بيدها تقرير مصير لبنان بينما الحكومة والشعب معها، يقبعان في غرفة الانتظار، ينتظران القرار من أصحاب القرار غير الرسميين والذين تمكنوا من السيطرة وتقوية مراكزهم في ظل الفوضى التي كانت تعيشها بلادهم.
نحن هنا في الكويت، علينا أن نعي ونستوعب ونستحضر تلك الصورة بمشوهاتها كلها وعشوائيتها، ونتائجها الذميمة، حتى نجنب بلادنا الوقوع في شرك الانقسامات وتولد مراكز قوى تتفوق في قوتها على الدولة.
ولكن وما يؤسف له أنه ليس هناك ما يشير الى الوقاية والى منع وقوع الكارثة بقدر ما نرى ان المركبة تسير سريعا نحو الانحدار والسقوط.
هناك الكثير من حسني النية وعشاق الديموقراطية والمتعلقين بحبال الدستور، يركزون كل همهم على المحافظة على الدستور والابقاء على الديموقراطية بصورتها الراهنة بما تحمله للكويت من شرور ستؤدي ـ حتما ـ الى ذلك الذي نحذر منه والذي تدلنا عليه دلائل وشواهد لا تقبل الانكار وأكثر وضوحا من «الخال في صحن المرمر»!
هذا الفريق الدستوري، هم في أغلبهم من الشبان وصغار السن والمتحمسين والذين لم ينضج تفكيرهم بعد، ومعروف أن البلدان لا تقاد بالحماس ولا يمسك الشبان وصغار السن بمقاليدها، لأنهم غالبا يقودونها الى الدمار لعدم احساسهم بمسؤولية ما يقومون به ولا يستشعرون خطورته.
هذا واقع شديد القتامة واضح الدمامة يستغله البعض كسلّم يرتقون عليه لتحقيق زعامات وبطولات، لا يمكنهم تحقيقها إلا في ظل وضع كالذي نعيشه الآن.
فاللهم سترك.. اللهم سترك.