كل سيد خادم، وكل خادم سيد!
هي قاعدة ذهبية ولكننا لا نفكر بها ولا نتمثل بها أيضا.
ليس هناك سيد مطلق، ولا خادم مطلق.
السيادة أوالخدمة حالة مؤقتة ومتبدلة وليست دائمة أو مطلقة.
معروف أن الخادم يقوم بخدمة سيده وتلبية احتياجاته، مثل الطبخ أو السواقة أو التنظيف أو الفلاحة، وما إلى ذلك من خدمات تعارف عليها البشر ولكل مجتمع من المجتمعات أنواع من الخدمة تختلف عن بقية المجتمعات.
أما السيد فيكون خادما لخادمه في كثير من الأحوال، فحين يقوم السيد مثلا بتوصيل خادمه إلى مكان ما فهو يخدمه، وحين يأخذه إلى الطبيب فهو يخدمه أيضا، وقس على ذلك، فالسيد هنا تحول إلى خادم والخادم تحول إلى سيد.
أخلص من كل ما سبق إلى توجيه رجاء لكل من يقرأ ما أكتب هنا، بالرفق بالخدم سواء في البيت أو العمل أو في الشارع أو في أي مكان يكون فيه من يقوم بخدمتنا حتى عمال المطاعم والمقاهي وسائقي سيارات الأجرة وجميع من هم في حكم الخدم.
علينا الرفق بهم وإظهار الحب والاحترام لهم ولمهنتهم وعلينا أن نحسسهم بتقليص الفارق بيننا وبينهم، وأن نوفر لهم السكن المناسب ونطعمهم من طعامنا نفسه وحبذا لو دعوناهم للأكل معنا على المائدة ذاتها في الوقت ذاته.
أذكر في الخمسينيات من القرن المنصرم وكنا في زمن أبيض بهي، كانت الفوارق بيننا وبين خدمنا ذائبة ومتلاشية ولا وجود لها، وكنا حين نجتمع على سفرة الغداء كان الخادم «الصبي» والسائق وحتى الطباخ يشاركوننا نحن ذكور البيت بقيادة الوالد، سفرة الغداء، وكانت سفرة الغداء أرضية لا على طاولات مثل اليوم ولم تكن هناك أطباق خاصة لكل آكل يغرف من الماعون الكبير ليضعه في طبقه الخاص، بل كنا كلنا ندس أيدينا في الماعون الكبير ونأكل.
إن بعض الناس مع الأسف يسيئون معاملة الخدم ويؤذونهم ويستغلونهم أبشع استغلال، وكأنهم بذلك ينفسون عن عقدهم واحساسهم بالنقص والدونية من خلال التعالي على الخادم وإساءة معاملته.
وعلى الدولة أن تسعى لاصدار تشريعات تحمي الخدم وتصون حقوقهم وإنسانيتهم قبل حقوقهم.
[email protected]