أعترف بادئ ذي بدء، أنني شديد الضعف أمام أي ملمح من ملامح الوفاء، إلى الدرجة التي تستثير دمعي فتذرفه عيناي.
أقول ذلك بفخر ولا آسف عليه تحت ذريعة واهية باطلة تقول إن دمع الرجال عيب وبكاءهم نقيصة.
وما جعلت هذه المقدمة إلا لأكتب عن وفاء فلسطيني جميل يستحق معاملته بالمثل والوفاء له وتقديم وافر الشكر له وللقلوب التي حملته حبا على حب ووردا على ورد.
تجلى ذلك الوفاء الفلسطيني بقيام مجموعة من الفلسطينيين إناثا وذكورا بإنشاء صفحة على الـ «فيسبوك» أسموها «كنت في الكويت ولي فيها ذكريات»، وكما هو واضح من اسم الصفحة فإن من أنشأها هم الاخوة الفلسطينيون والفلسطينيات ممن كانوا يعيشون في الكويت وأكثرهم مولود فيها ودرس في مدارسها وخبر مناطقها وجال في شوارعها ودخل «سكيكها»، دبت قدماه على ترابها واستلقى على رمال شواطئها واستعذب مالح بحرها.
أرواحهم ما زالت في الكويت رغم بعدهم عنها في أجسادهم، يذكرون بعضهم بمدارسهم ومدرسيهم وبيوتهم ومعالم الأحياء الكويتية التي كانوا يسكنون فيها ومحال أشغالهم ومقار أعمالهم، ويجتهدون في نشر صور الكويت معالمها وشخصياتها ومدارسها ومناسباتها.
هم يذرفون حنينهم وأنا وكل كويتي يتابع صفحتهم تلك يذرف دمعا نبيلا، إزاء هذا الوفاء الجميل للكويت.
يظهرون حبا للكويت من قلوب طاهرة، حبا صادقا وكأنهم ينسجون كتاباتهم تلك بخيوط من هذا الحب الكبير الصادق ومن نهر هذا الوفاء الأمين.
لا أبالغ إذا ما قلت إن «كويتية» كثير من هؤلاء الإخوة والأخوات الفلسطينيين والفلسطينيات تفوق كثيرا وتتفوق على «كويتية» من تكوتوا زورا وبهتانا، وإن حب أولئك الفلسطينيين للكويت وتعلقهم بها يسمو كثيرا فوق حب من حملوا هوية الكويت وتمرغوا في نعيمها وجحدوها وأنكروا فضلها وتنكروا لأمومتها، وهم كثر مع الأسف، ولو شققت عن قلوبهم لما وجدت للكويت ذرة فيها.
لم أشرع هذه الصفحة من أجل أن أجلد الناكرين المتنكرين لبلادنا من حملة هويتها، ولكنني شرعتها من أجل أن أخط سطور وفاء وشكر لإخوتنا الفلسطينيين رجالا ونساء ممن أغنوا صفحة «كنت في الكويت ولي فيها ذكريات».
إن الكويت تشكر وفاءكم أيها الأهل الرائعون.
[email protected]