لست من الراقصين على طبول «التكتل الشعبي»، ولكنني في الوقت ذاته، لا أخرق جلود هذه الطبول ولا أكسر عصيّها.
تدق تلك الطبول بعيدا عن أذني، وإن أصابني منها بعض إزعاجها، لاسيما إذا ارتبك إيقاع تلك الدقات، وخرج عن «الرتم»!
وما يزعج من دقات «الشعبي» - أو ما يزعجني أنا شخصيا منها – اعتبارهم أن الدستور الكويتي وُلد من رحم تكتلهم، وأنهم هم الذين حملوه وهنا على وهن، أحد عشر شهرا، ثم وضعوه بالسلامة وأرضعوه وحصّنوه ضد «التعديل»، وبالتالي فإنه ابنهم الذي لا يسمحون لأحد، حتى بالتحدث عنه أو معه، ولو كان الحديث حديث خير ولمصلحة هذا الابن.
آخر ما بدا من اعتقاد «الشعبي» بملكيتهم للدستور، ذلك البيان الذي أصدروه في أعقاب الندوة التي أقيمت لمناقشة الدستور وإمكان ادخال تعديلات عليه أو تحسينات أو ترميمات، أثبتت التجارب ضرورتها صيانة له وحماية لحياته ولتفعيله حتى لا يصدأ على الرفوف أو تتيبس كلماته وتتساقط حروفه. فكان بيانهم أشبه بادعاء ملكية، وان هذا الدستور دستورهم وحدهم، لا دستور دولة الكويت، التي لا أعتقد انها دولة «التكتل الشعبي» بل هي دولة لنا جميعا، وما التكتل بأفراده الاثنين وثالثهما إلا مواطنون مثلنا، وإن كانوا يتفوقون علينا بجهورية الأصوات وبالتصيد والتقصد ونصب الفخاخ والشراك وبـ «الحبال» في الموسم وخارجه، وحتى لو كانت الأرض «چلحة ملحة» لا زرازير تزرزر في سمائها ولا عصافير تعصفر.
وهذا كله لا يقلل من إعجابي بشخوص «التكتل»، واحترامي الكبير وتقديري لإمكاناتهم وقدراتهم على اللعب في الساحة السياسية الكويتية، والتي أنا على يقين بأن إمكاناتهم تفوق كثيرا مساحة تلك الساحة والتي تبدو كبركة ماء أمام إمكاناتهم وقدراتهم التي تهيئ لهم عبور المانش جيئة وذهابا في اليوم الواحد عشر مرات. وعتبي عليهم أنهم لم يستثمروا إمكاناتهم تلك في تطوير العمل السياسي في الكويت والارتقاء به وجذب الجماهير إليه عوضا عن تنفيرهم وصدودهم وكرههم للعمل السياسي وبالذات في شقه البرلماني، بسبب ممارسات «التكتل».
وأتمنى وأنا مدرك أن ما أتمناه سيلقى أذنا من طين وأخرى من عجين من قبل أفراد التكتل المحترمين، أن يتواضعوا قليلا ويشركونا معهم في ملكية الدستور، أو يتكرموا علينا مجرد تكرم بالاعتراف بمواطنتنا وأن عدد الكويتيين فاق المليون نسمة، لا فردان اثنان وثالثهما، وهم أفراد «التكتل الشعبي»!