شربت «إيران» خمر سورية فثملت وعربدت وتمايلت وتطوطحت وهزجت ومزجت وفسدت وأفسدت، وسار عساكرها في شوارعها مدججين بأسلحتهم نافشين ريشهم كطواويس سكرانة، واعتلى منابر مساجدها أئمتها وخطبوا من فوقها بلغة الفرس ويمموا وجوههم شطر الولي الفقيه الراقد في حصنه الحصين في «طهران»!
جرى كل ذلك ولم يمط عربي واحد مصلصل مسلسل شفتيه احتجاجا أو تبرما، وما ذكرته أعلاه هو الفعل الإيراني السلمي في سورية، ولم أتحدث عن فظائع الجانب العسكري والقتل المنظم والدمار والاحتلال الخسيس وإغراق سورية بالمخدرات ونهب خيرات الأرض السورية والمتاجرة بها.
وكذلك عاث الأتراك فسادا في سورية وأعلن مجنونهم عن نيته احتلال «عفرين» فسير جيوشه وأرسل صواريخه وجنوده فاستباحوها وساموا أهلها سوء العذاب وسقوهم العلقم والمر بكؤوس الزقوم، وأظهروا كل ما اختزنوه من حقد عمره قرن ومنذ مرغت جباه أجدادهم في أرض العرب وطردوا شر طردة أذلة مدحورين خائبين.
وفعلت «داعش» ما فعلت في الأرض السورية، سبت وهجرت وأحرقت واغتصبت وقتلت وسرقت وباعت النفط واشترت بثمنه عرائس من لحم وشحم وعظم ودم لسلاطينها ومفتيها وفقهائها.
كل أفعال الإيرانيين، وكل ما فعله الأتراك، وكل ما فعلته «داعش»، يمر وكأن لا شيء قد حدث، وحلال على إيران والأتراك والدواعش والروس أن يفعلوا في سورية ما طاب لهم وما يشاؤون، ولكن أن توجه «أميركا» مائة صاروخ لتبيد مصادر الشر الكيماوي الذي صنعه الروس لإبادة السوريين، فإن ذلك أمر جلل يحرك الغرائز القومية العربية الأبية ويجعل الغربان تحلق في سماء الشؤم العربية السوداء لتندد بفعل الأميركان الذي أسمته «العدوان»!!
والفضل في هذه الهبة المضرية الحمقاء الشنعاء التي لم تبق على التراب الأميركي حيا ولم تذر حية، يعود إلى قائدها «الأشوس المشوس» «شعبولا» الذي أطلق في صبيحة «العدوان» أغنية هيهيئية يندد فيها بـ «العدوان» ويتهم أميركا بأنها هي من ألقت الكيماوي على السوريين ثم جاءت صبيحة «العدوان» لتضرب مصادر الكيماوي، وهي كما ترون أحجية لا يستطيع فك رموزها إلا المناضل «شعبولا» وأتباعه الغربان!!
في الخمسينات والستينات من القرن العشرين كان مفتي العرب والمهيمن على غرائزهم الوطنية والقومية هو جمال عبدالناصر والآن حل محله «شعبولا» وصار هو المحرك للشارع العربي!!
[email protected]