ما مل الحياة وما ملته، عشقها وأحبته، تفنن في عشقها كثيرا وأحبها كثيرا وحبب الناس فيها كثيرا بعبارته وبعدسته وكأنما كان يرى الحياة من خلال عدسة الكاميرا أو من خلال المايكروفون نيابة عن الآخرين أو بعض الآخرين.
إنه عبدالله المحيلان الراحل عن دنيانا قبل أيام.
حمل كاميرته وجال بها في الشوارع والنواحي والأزقة وعبر بها البحر إلى الجزر، وقدم «للمشاهد مع التحية» وكانت توثيقات غنية بالفن والجمال يرافقها صوته ذو البحة الدافئة التي تستلذ الأذن لها.
فجعل الصورة تنطق وحول العيون الجوالة إلى شاشة تلفزيون الكويت الأبيض والأسود وأسكنها هناك وباتت العيون بانتظاره ومعها الآذان وشوق الى بحة جديدة وصورة جديدة.
صادق الكاميرا حتى ألم بجميع تفاصيلها وعرف إلى أين يمكنها أن تمضي به، فعبر بها الحدود إلى اريتريا وكانت حينها قضية سياسية مشتعلة فكان فيلمه «اريتريا وطني»، ولم تكن الرحلة تلك نزهة بين جداول وخمائل ولا بين قطوف دانيات، بل كانت محفوفة بالمخاطر وكثير من المخاوف، ولكنه أقبل وما أدبر وأقدم وما أحجم.
وجال بكاميرته في غير اريتريا وبالذات في مصر وحاور كبار فنانيها في ذاك الزمن الوردي، ولم تهب كاميرته من دوي المدافع ولا من أزيز الطائرات فاقتربت من الجبهة المصرية في حرب 1973.
وكان للإذاعة نصيب من عطائه فشارك بتقديم برنامج «ستديو 2» وهو من أوائل برامج البث المباشر التي أطلقتها إذاعة الكويت وكانت حلقاته مميزة ومختلفة عن بقية حلقات زملائه.
وإن كانت تلك المشاركات الاذاعية لم تحقق جماهيرية كبيرة فإن عودته للإذاعة في أعوام الثمانينيات ومن خلال برنامج «استراحة الخميس» كانت حفلا فنيا فخما تنتظره جماهير إذاعة الكويت لا في الكويت وحسب بل في بقية الأقطار المجاورة، وكان برنامجا غنيا بالفن والشعر والغناء والمرح، وهو البرنامج الذي اكتشف الفنان البحريني خالد الشيخ.
نعم الإعلام الكويتي كما قال وزير الإعلام فقد عبدالله المحيلان، ولكن مع الأسف فقده وهو حي ولم يفقده بعد موته فلقد بقي ثلاثين عاما حيا يرزق ولكن أبواب الإعلام كانت مسدودة في وجهه.
فكان هو الفقيد الحي.
[email protected]